الفصل الأوّل

في أنّ الوجود مشترك معنويّ

الوجود بمفهومه مشترك معنويّ يحمل على ما يحمل عليه بمعنى واحد (١). وهو ظاهر بالرجوع إلى الذهن حينما نحمله على أشياء أو ننفيه عن أشياء ، كقولنا : «الإنسان موجود» و «النبات موجود» و «الشمس موجودة» و «اجتماع النقيضين ليس بموجود» و «اجتماع الضدّين ليس بموجود». وقد أجاد صدر المتألّهين قدس‌سره حيث قال : «إنّ كون مفهوم الوجود مشتركا بين الماهيّات قريب من الأوّليّات» (٢).

__________________

(١) إعلم أنّ البحث عن اشتراك الوجود إمّا لفظيّ وإمّا عقليّ. أمّا الأوّل وهو البحث عن أنّ لغة الوجود هل هي موضوعة لمعنى واحد فلا اشتراك لفظيّا ، أو موضوعة لمعان متعدّدة فيكون اللفظ مشتركا؟. وهذا البحث من مباحث علم اللغة ولا يليق بالمباحث العقليّة. وأمّا الثاني وهو البحث عن أنّ الوجود هل هو معنى واحد في جميع ما يحمل على الماهيّات أم معان متعدّدة بحسب تعدّد الماهيّات؟. وهذا هو محلّ النزاع ومعركة الآراء في المقام. فذهب جمع إلى الأوّل ، ويعبّر عنه بالاشتراك المعنويّ للوجود ؛ وجمع آخر ـ كالأشاعرة ـ إلى الثاني ، ويعبّر عنه بالاشتراك اللفظيّ للوجود.

(٢) راجع تعليقة صدر المتألّهين على شرح حكمة الإشراق : ١٨٢ ، والأسفار الأربعة ١ : ٣٥. واعترف كثير من المحقّقين بأنّ كون مفهوم الوجود مشتركا بين الماهيّات بديهيّ ، ثمّ استدلّوا عليه تنبيها ، فراجع المباحث المشرقيّة ١ : ١٨ ـ ٢٢ ، وشرح المقاصد ١ : ٦١ ـ ٦٢ ، وشرح المواقف : ٩٠ ـ ٩٢ ، وقواعد المرام : ٣٩ ، وكشف المراد : ٢٤.

وقوله : «قريب من الأوّليّات» تلويح إلى أنّه ليس من الأوّليات الّتي يكون مجرّد تصوّر ـ

۲۸۳۱