ألف مخصّص ، فإنّ الامتياز في الواقع غير التشخّص ، إذ الأوّل للشيء بالقياس إلى المشاركات في أمر عامّ ، والثاني باعتباره في نفسه حتّى أنّه لو لم يكن له مشارك لا يحتاج إلى مميّز زائد ، مع أنّ له تشخّصا في نفسه. ولا يبعد أن يكون التميّز يوجب للشيء استعداد التشخّص ، فإنّ النوع المادّيّ المنتشر ما لم تكن المادّة متخصّصة الاستعداد لواحد منه لا يفيض وجوده عن المبدأ الأعلى» (١) انتهى.
ويتبيّن به :
أوّلا : أنّ الأعراض المشخّصة الّتي أسندوا التشخيص إليها ـ وهي عامّة الأعراض كما هو ظاهر كلام بعضهم (٢) ، وخصوص الوضع ومتى وأين كما صرّح به بعض آخر (٣) ، وخصوص الزمان كما قال به آخرون (٤) ـ وكذا ما قيل (٥) :
__________________
(١) راجع الأسفار ٢ : ١٠.
(٢) كالشيخ الرئيس في الشفاء حيث قال : «ثمّ تخالطه معان وأسباب اخر يتحصّل بها واحد واحد من الأشخاص الإنسانيّة ويتميّز بها شخص عن شخص ، مثل أن يكون هذا قصيرا وذاك طويلا وهذا أبيض وذاك أسود. ولا يكون شيء من هذه بحيث لو لم يكن موجودا لذات الشخص وكان بدله غيره لزم منه أن يفسد لأجله ، بل هذه امور تتبع وتلزم ، وإنّما تكون حقيقة وجوده بالإنسانيّة ، فتكون ماهيّة كلّ شخص هي بإنسانيّته ، لكن إنّيّته الشخصيّة تتحصّل من كيفيّة وكمّيّة وغير ذلك». راجع الفصل الخامس من المقالة الاولى من الفنّ الأوّل من منطق الشفاء.
وقال أيضا : «والشخص انّما يصير شخصا بأن تقترن بالنوع خواصّ عرضيّة لازمة وغير لازمة». راجع الفصل الثاني عشر من المقالة الاولى من الفنّ الأوّل من منطق الشفاء.
(٣) كالفارابيّ والشيخ الرئيس في تعليقاتهما ، حيث قالا : «التشخّص هو أن يكون للمتشخّص معان لا يشاركه فيها غيره. وتلك المعاني هي الوضع والأين والزمان ، فأمّا سائر الصفات واللوازم ففيها شركة كالسواد والبياض» فراجع التعليقات للفارابي : ١٤ ـ ١٥ ، والتعليقات للشيخ الرئيس : ١٠٧.
(٤) والقائل الشيخ الإشراقيّ في المطارحات : ٣٣٤ ـ ٣٣٥.
(٥) والقائل فخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ١ : ٧٦ ـ ٧٧. ونسب إلى بعض أهل العلم في الأسفار ٢ : ١٢ ، وشرح الهداية الأثيريّة : ٢٢٤. وقال المحقّق الطوسيّ : «وقد يستند إلى المادّة المتشخّصة بالأعراض الخاصّة الحالّة فيها». راجع كشف المراد : ٩٧.