جزءا للجسم؟ على أنّ القبول أو الاستعداد (١) مفهوم عرضيّ قائم بالغير ، فلا يصلح أن يكون حقيقة جوهريّة (٢). على أنّ من الضروريّ أنّ الاستعداد يبطل مع تحقّق المستعدّ له ، فلو كان هناك هيولى ـ هي استعداد وقبول جوهريّ وجزء للجسم ـ لبطلت بتحقّق الممكن المستعدّ له ، وبطل الجسم ببطلان جزئه ، وانعدم بانعدامه ، وهو خلاف الضرورة (٣).
فإنّه يقال : مغايرة الجسم ـ بما أنّه اتّصال جوهريّ لا غير ـ مع كلّ من الصور النوعيّة تأبى أن يكون موضوعا للقبول والاستعداد لها ، بل يحتاج إلى أمر آخر لا يأبى أن يتّحد مع كلّ من الصور اللاحقة ، فيكون في ذاته قابلا لكلّ منها ، وتكون الاستعدادات الخاصّة الّتي تتوسّط بينه وبين الصور الممكنة أنحاء تعيّنات القبول الّذي له في ذاته ، فنسبة الاستعدادات المتفرّقة المتعيّنة إلى الاستعداد المبهم الّذي للمادّة في ذاتها نسبة الأجسام التعليميّة والامتدادات المقداريّة ـ الّتي هي تعيّنات للامتداد والاتّصال الجوهريّ ـ إلى الاتّصال الجوهريّ. ولو كان الجسم ـ بما أنّه اتّصال جوهريّ ـ هو الموضوع للاستعداد والجسم من الحوادث الّتي يسبقها إمكان لكان حاملا لإمكان نفسه ، فكان متقدّما على نفسه بالزمان.
وأمّا ما قيل (٤) : «إنّ المفهوم من القبول معنى عرضيّ قائم بالغير ، فلا معنى للقول بكون المادّة قبولا بذاته ، وهو كون القبول جوهرا».
فيدفعه : أنّ البحث حقيقيّ ، والمتّبع في الأبحاث الحقيقيّة البرهان ، دون الألفاظ بمفاهيمها اللغويّة ومعانيها العرفيّة.
وأمّا حديث بطلان الاستعداد بفعليّة تحقّق المستعدّ له المقويّ عليه فلا ضير فيه ، فإنّ المادّة هي في ذاتها قوّة كلّ شيء من غير تعيّن شيء منها ، وتعيّن هذه
__________________
(١) وفي النسخ : «والاستعداد». والأولى ما أثبتناه.
(٢) تعرّض له صدر المتألّهين في الأسفار ٥ : ٧١ نقلا عن الشيخ الإشراقيّ في أوائل طبيعيّات كتابه.
(٣) وتعرّض له أيضا صدر المتألّهين في الأسفار ٥ : ٧٤ نقلا عن الشيخ الإشراقيّ.
(٤) والقائل الشيخ الإشراقيّ على ما نقل عنه في الأسفار ٥ : ٧١.