والصحيح هو ما ذكره شيخنا الأنصاري قدس‌سره فلا يحكم بكون الانغماس أمارة على الحيضيّة مطلقاً ، وإنّما تختص أماريّته بما إذا دار أمر الدم بين الحيض والعُذرة ، نظراً إلى أنّ خروجه مع الانغماس أمارة على عدم كونه دم العذرة ، ومعه يتعيّن أن يكون الدم حيضاً إذ لا ثالث هناك.

وأمّا مع احتمال كونه استحاضة أو غيرها فلا دلالة في الانغماس على كونه حيضاً أبداً ، وذلك لأنّ الانغماس لازم أعم للحيضيّة ، وإنّما هو لازم لكثرة الدم سواء كان حيضاً أم استحاضة أو غيرهما ، ولا أماريّة للازم الأعم على الملزوم الأخص ، والّذي يؤكّد ذلك بل يدلّ عليه أنّه لم يرد الاختبار بالانغماس في موارد اشتباه الحيض بالاستحاضة في شي‌ء من الرّوايات ، وإنّما ميّزوا الحيض بالأوصاف ، فلو كان الانغماس أيضاً من جملة الأمارات لكان عليهم عليهم‌السلام التنبيه على ذلك ، نعم الانغماس يدل على عدم كون الدم دم عذرة ، هذا.

مضافاً إلى أنّ المقتضي لكون الانغماس أمارة الحيضيّة حتّى في موارد احتمال غير الحيض والبكارة قاصر من أصله ، فإنّ الصحيحتين المتقدّمتين إنّما تدلاّن على أماريّة الانغماس للحيضيّة فيما إذا دار أمر الدم بين كونه حيضاً أو دم عذرة ، ولا دلالة لهما على أماريّته عند احتمال دم ثالث.

وذلك أمّا في صحيحة خلف فظاهر ، وذلك لأنّه عليه‌السلام أمرها بالتقوى بالإمساك عن الصّلاة وإمساك بعلها عنها إن كان الدم دم حيض ، وبالصلاة والاغتسال إن كان دم البكارة ، ولم يبيّن وظيفة غيرهما ، فلو كانت احتملت دماً ثالثاً لكان عليه عليه‌السلام أن يبيِّن وظيفتها على تقدير كونه استحاضة مثلاً ، لأنّ لها أحكاماً خاصّة وحيث لم يبيّن غيرهما فيستفاد منه أنّ الدم كان مردّداً بين دم البكارة والحيض ولو من جهة اختلاف القوابل ودعوى بعضهن الحيض وبعضهن البكارة وقد جعل عليه‌السلام الانغماس أمارة على الحيضيّة حينئذ ، ولا دلالة لها على أماريّته مطلقاً حتّى إذا احتمل دم ثالث كالاستحاضة.

۴۹۱