نعم ، الإلزام بتلك الأغسال غير ثابت في حقّها ، لما قدّمناه من إجزاء كلّ غسل عن غيره من الأغسال وإن لم يقصد من جهة التداخل ، فإنّ الحائض حينئذ يجوز لها أن تترك غسل المسّ مثلاً إلى أن تغتسل من الحيض ، ويرتفع جميع الأحداث بغسل الحيض.

وأمّا ما عن المحقّق (١) من أنّ الطّهارة ضدّ الحدث ، ومع الحدث الحيض لا يتحقّق الطّهارة ، لعدم اجتماع الضدّين ، فمندفع بأنّه وجه استحساني غير قابل للاستدلال به على الأحكام الشرعيّة بوجه.

استدراك

ذكرنا أنّ المراد بالطّهر في صحيحة محمّد بن مسلم يحتمل أن يكون اغتسال المرأة من الحيض ، بأن يكون السائل وهو محمّد بن مسلم قد احتمل كون الحائض كالمستحاضة مشروعاً في حقّها الاغتسال من حدثها لتحصيل الطّهارة الوقتيّة للذكر ونحوه ، وإن كان يجب عليها أن تغتسل عن الحيض بعد انقطاع دمها أيضاً ، وأجابه الإمام عليه‌السلام بأنّ الاغتسال من الحيض لا يشرع في حقّ الحائض قبل أن ينقطع دمها ، وعليه فلا دلالة للصحيحة على أنّ الغسل لا يجوز للحائض واجباً كان الغسل أم مندوباً.

ويحتمل أن يراد من الطّهر غسل الجمعة المستحب ، وذلك لما سبق من أنّ كلّ غسل واجب أو مندوب يجزئ عن غيره من الأغسال الواجبة والمستحبّة أو لا أقل من أنّه يجزئ عن الوضوء فقط كما عرفت تفصيله ، فكأنّ السّائل علم بذلك أو احتمله فسأل الإمام عليه‌السلام عن أنّ الحائض هل لها أن تحصل الطّهارة لأجل ذكرها باغتسالها للجمعة ، وعليه فيكون جواب الإمام عليه‌السلام بقوله « أمّا الطّهر فلا » بمعنى أنّ الطّهارة لا تحصل للحائض باغتسالها عن الجمعة ، لا أنّه غير‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٢١ / أحكام الحائض ، الشرائع ١ : ٣٦ / أحكام الحائض.

۴۹۱