وثانيهما : الحكم بحيضيّة الصفرة المتخلّلة بينهما ، وذلك لأنّ المرأة لو كانت نقيّة وطاهرة من الدم كنّا نحكم بكونها حائضاً ، لما سبق من أنّ النّقاء المتخلّل بين الدمين حيض فضلاً عن الصفرة الواقعة بينهما ، لأنّها ليست بأقل من النّقاء والطهر ، فما دلّ على حيضيّة الثّلاثة الأُولى حاكم على ما دلّ على أماريّة الصفرة للاستحاضة ، كما أنّه حاكم على ما دلّ على حكم المسبب نفياً أو إثباتاً ، وحيضيّة الصفرة والثّلاثة الأخيرة من آثار الحيضيّة في الثّلاثة الاولى من الدم.

ولا عكس ، لأنّ ما دلّ على أنّ الصفرة أمارة الاستحاضة أو الثّلاثة الأخيرة حيض لا يترتب عليهما شرعاً أنّ الثّلاثة الأُولى ليست بحيض ، فلأجل الحكومة لا يبقى تعارض بين الأمارتين ، فما فرض من التعارض في هذه الصورة غير صحيح ، بل الصحيح ما مثّل به الماتن قدس‌سره كما قرّبناه.

ويمكن تقريب ما ذكرناه بوجه آخر ، وهو أنّ المرسلة (١) دلّت على أنّ منشأ احتمالي الحيض والاستحاضة في المرأة إذا كان هو الدم بأن رأته ولم تعلم أنّه حيض أو استحاضة رجعت إلى الصفات إن أمكنها وتجعل الحمرة أمارة على الحيض والصفرة أمارة على الاستحاضة ، وإلاّ فترجع إلى العدد ستّة أو سبعة بحيث لولا الدم لم يحتمل في حقّها الاستحاضة ولا الحيض ، فالرجوع إلى المعرفات يختص بما إذا نشأ احتمالا الحيض والاستحاضة من الدم.

وهذا غير متحقّق في المقام ، لأنّ المرأة في الأيّام المتخلّلة بين الدمين محكومة بكونها حائضاً وإن لم ترد دماً فيها أصلاً ، لما تقدّم من أنّ أيّام النّقاء ملحقة بالحيض فاحتمال الحيض غير ناشئ حينئذ من الدم ، بل الحكم بالحيضيّة هو المتعيّن كان هناك دم أم لم يكن ، فما دلّ على معرفية الصفرة للاستحاضة غير شامل للمقام ، فلا تعارض حينئذ بوجه.

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٨٨ / أبواب الحيض ب ٨ ح ٣.

۴۹۱