الثّلاثة الثّانية حيضاً ، لأنّ إحداهما حيض إلاّ أنّ كلاًّ منهما معارض بالآخر ، لشمول أماريّة الصفات كلاًّ منهما ، ولأجل المعارضة لا يمكن الرّجوع إلى التمييز بالصفات.

ويرد عليه أنّ ما دلّ من الأخبار على أماريّة الصفات (١) لا تشمل غير الثّلاثة الاولى من الدمين في المثال ، ولا تشمل الثّلاثة الثانية حتّى تقع المعارضة بينهما وبين ما دلّ على أماريّة الإدبار أو الصفرة للاستحاضة (٢) على التقريب المتقدّم ، ومعه لا مانع من الرّجوع إلى التمييز في الدم الأوّل.

والوجه في عدم شمول الأدلّة لغير الدم الأوّل ما ذكرناه في الأصل السببي والمسببي من أنّ الدليل الواحد لا يمكن أن يشمل السبب والمسبب ، لأنّه لغو لأنّه بعد ما ثبت السبب ترتب عليه المسبب شرعاً فلا حاجة فيه إلى الدليل ، ومن هنا قلنا إنّ أدلّة اعتبار الأُصول أيضاً لا تشمل الأصل المسببي بوجه وإنّما تختص بالأصل السببي.

وفي المقام دلّتنا الرّوايات الواردة في أنّ ما تراه المرأة من الدم قبل العشرة فهو من الحيضة الأُولى (٣) على أنّ حيضيّة الدم الثّاني قبل العشرة من الآثار الشرعيّة المترتبة على حيضيّة الدم الأوّل ، ومع العلم بحيضيّة الدم الأوّل نعلم بحيضيّة الدم الثّاني كانت هناك أخبار الصفات أم لم تكن ، فتلك الرّوايات أعني ما دلّ على أمارية الصفات مختصّة بالدم الأوّل ، لأنّ حيضيّته هي السبب في الحكم بحيضيّة الدم الثّاني الخارج قبل العشرة ، فلا يمكن أن تشمل خصوص المسبب دون السبب إذ لا معنى له ، ولا لكليهما لأنّه لغو ، فلا مناص من اختصاصها بالدم الأوّل كما بيّناه.

فإذا كان الأمر كذلك فنأخذ بأخبار الصفات ونجعل الثّلاثة الأُولى حيضاً بمقتضى تلك الرّوايات ، ويترتب على حيضيّة الدم الأوّل أثران شرعيان :

أحدهما : الحكم بحيضيّة الثّلاثة الثّانية ، لأنّها دم رأته المرأة قبل العشرة فهو من الحيضة الأُولى.

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٧٥ / أبواب الحيض ب ٣.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٧٦ / أبواب الحيض ب ٣ ح ٢ و ٤.

(٣) الوسائل ٢ : ٢٩٦ / أبواب الحيض ب ١٠ ح ١١ ، ص ٢٩٨ ب ١١ ح ٣.

۴۹۱