إلزامي في بعضها وإلزامياً في الآخر ، فأيضاً لا مجال للمنع عن جريان القاعدة في الوضوء الأوّل ، وذلك لعدم المعارض وعدم جريان القاعدة في الوضوء التجديدي بناء على ما اخترناه وفاقاً للماتن قدس‌سره من عدم انحصار استحباب التجديد بالفرد الأوّل ، بل الفرد التجديدي الثاني والثالث والرابع وهكذا أيضاً مستحب.

والسرّ في عدم جريان القاعدة في التجديدي حينئذ هو أن القاعدة إنما تجري فيما أمكن فيه التدارك إما على نحو اللزوم وإما على نحو الاستحباب فبها ترفع كلفة تدارك العمل السابق ، وهذا كما في مثال ما إذا علم ببطلان الفريضة أو النافلة ، حيث إن كلا منهما إذا كانت باطلة يمكن تداركها فيجب إعادتها أو تستحب ، فالقاعدة إذا جرت في شي‌ء منهما تقتضي عدم لزوم تداركها أو عدم استحباب التدارك ، فتتعارض القاعدة في الفريضة معها في النافلة فلا يمكن إجراؤها في كليهما لأنه تعبد بخلاف المعلوم ولا في بعضها دون بعض لأنه بلا مرجح.

وأما إذا لم يمكن التدارك بوجه فلا معنى لجريان قاعدة الفراغ في مثله ، وهذا كما في الصلاة المبتدأة ، لأنه إذا شك بعدها في صحّتها وفسادها لا تجري فيها القاعدة ، لأنها سواء صحّت أم فسدت فقد مضت ولا أثر لبطلانها ، حيث إن الصلاة خير موضوع ومستحبة في جميع الأوقات ، فالصلاة بعد الصلاة التي يشك في صحّتها مستحبة في نفسها صحّت الصلاة السابقة أم فسدت ، فلا أثر لبطلانها أي لا يمكن تداركها حتى تجري فيها القاعدة وبها يحكم بعدم كلفة المكلّف في تداركها وإعادتها لزوماً أو استحباباً. وهذا من غير فرق بين كونها طرفاً للعلم الإجمالي وكونها مشكوكة بالشك البدوي ، لأنها في نفسها ليست مورداً للقاعدة كما مر.

والأمر في المقام بناء على ما اخترناه كذلك حيث لا أثر للوضوء التجديدي صحّة وفساداً ، لأن المفروض أنه لا يرفع الحدث الواقعي على تقدير المصادفة ، حيث إن كلامنا على هذا الفرض ، كما أن بطلانه لا يوجب الإعادة لعدم إمكان تداركه حيث إن الفرد التجديدي الثاني مستحب في نفسه صح الفرد الأوّل أم لم يصح ، كان‌

۴۴۰