يعلم أنه متطهر فعلاً وأن حدثه وقع قبل طهارته وإلاّ لوقعت الطّهارة بعد الطّهارة وهو خلاف المفروض. ففي هاتين الصورتين إذا شك في حدث آخر أو طهارة أُخرى غير الحادثين ، يرجع إلى استصحاب الحدث في الأوّل وإلى استصحاب الطّهارة في الثاني.

وهذا وإن كان توضيحاً للواضح وخارجاً عما نحن بصدده ، إذ لا شك في التقدّم والتأخّر حينئذ فليس هذا تفصيلاً في محل الكلام ، إلاّ أن تعليله بالاستصحاب وملاحظة كتابه لا يرخصان الحمل على غيره ، إذ كيف يمكن التمسّك باستصحاب الحالة السابقة قبل الحادثين مع العلم بارتفاعها ، لأنه لا يمكن إسناده إلى من هو دونه قدس‌سره بمراتب كثيرة فضلاً عن آية الله العلامة قدس‌سره فمراده ما ذكرناه وهو ليس بتفصيل في محل الكلام حقيقة وهو أمر واضح ، ثمّ على تقدير تسليم أنه ناظر إلى ما نحن فيه من غير علمه بالتعاقب لا يمكن المساعدة عليه للقطع بارتفاع الحالة السابقة.

وثانيهما : ما ذهب إليه المحقق الثاني قدس‌سره في جامع المقاصد من التفصيل بين صورة الجهل بالحالة السابقة فكالمشهور ، وبين صورة العلم بها فيؤخذ بضدّها (١). وهذا التفصيل وإن كان له وجه لأنه إذا كان متطهراً أوّلاً فقد علم بارتفاع تلك الطّهارة قطعاً بالحدث المعلوم تحققه ، وأما هذا الحدث فلا علم له بارتفاع أثره لاحتمال أن يكون هو المتأخر عن الحادثين وقد وقعت الطّهارة بعد الطّهارة فيستصحب حدثه. كما أنه إذا كان محدثاً أوّلاً فقد علم بارتفاع ذلك الحدث بالطّهارة المتحققة قطعاً ، وأما تلك الطّهارة فلا علم له بارتفاع أثرها لاحتمال أن تكون هي المتأخرة ويقع الحدث بعد الحدث ، فيستصحب طهارته.

إلاّ أن هذا أيضاً مما لا يمكن المساعدة عليه ، لمعارضته باستصحاب الطّهارة في الصورة الأُولى واستصحاب الحدث في الصورة الثانية ، وذلك لأنه في الصورة الأُولى‌

__________________

(١) جامع المقاصد ١ : ٢٣٥.

۴۴۰