على حرمة العبادة التي أتى بها بداعي إرائتها للناس وإراءة أنه خيّر من الأخيار ، ومع حرمة العمل ومبغوضيته كيف يمكن التقرّب به ، لأن المبغوض لا يكون مقرباً والمحرّم لا يكون مصداقاً للواجب ، فلا محالة تبطل العبادة بذلك هذا.

على أن في الأخبار الواردة في الرِّياء مضافاً إلى دلالتها على حرمته دلالة واضحة على بطلان العمل المأتي به رياءً ، وأنه مردود إلى من عمل له وغير مقبول ، وفي بعضها أن الله سبحانه يأمر به ليجعل في سجين ، إلى غير ذلك من الأخبار ، وهذه الأخبار وإن كان أغلبها ضعيفة إلاّ أن استفاضتها بل الاطمئنان بصدور بعضها لو لم ندع العلم كافية في الحكم باعتبارها ، على أن بعضها معتبرة في نفسه.

فقد روى البرقي في المحاسن عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « يقول الله عزّ وجلّ : أنا خير شريك فمن عمل لي ولغيري فهو لمن عمله غيري » (١) هكذا في نسخة الوسائل المطبوعة جديداً وقديماً ، والظاهر أنها غلط. وفي نسختنا المصححة من الوسائل « فهو كمن عمله غيري » والظاهر سقوط اللاّم عن قوله « غيري » وعليه فالرواية هكذا : « من عمل لي ولغيري فهو كمن عمله لغيري » وعليه فهي كالصريح في بطلان العبادة بالرياء حيث نزلها سبحانه منزلة العمل الذي أتى به خالصاً لغيره تعالى ، ومن الظاهر أن العمل لغيره مما لا يحسب من العمل لله في ديوانه بل يحسب لمن أتى له لأنه خير شريك ، فكأنه مما لم يأت به (٢) وأي شي‌ء أصرح في بطلان العمل من هذا التعبير؟

والرواية لا بأس بها من حيث سندها إلاّ من جهة والد البرقي ، حيث ذكر‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ٧٢ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١٢ ح ٧. المحاسن ١ : ٣٩٢ / ٨٧٥.

(٢) بل في موثقة مسعدة بن زياد « ... إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء : يا كافر يا فاجر يا غادر يا خاسر ، حبط عملك وبطل أجرك فلا خلاص لك اليوم ... » الوسائل ١ : ٦٩ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١١ ح ١٦. وفي موثقة السكوني « ... إن الملك ليصعد بعمل العبد ... يقول الله عزّ وجلّ : اجعلوها في سجين ، إنه ليس إياي أراد به » الوسائل ١ : ٧١ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١٢ ح ٣.

۴۴۰