هذا وقد تقدّمت هذه المسألة في شرائط الوضوء وحكم قدس‌سره هناك بصحّة الوضوء في صورة الجهل والنسيان (١) ، إلاّ أنه في المقام ذكر أنه يمكن الحكم ببطلانه في كلتا الصورتين ، والصحيح هو ما أفاده هناك.

وذلك أمّا في صورة النسيان فلما مرّ من أن النسيان يرفع الحرمة الواقعية ، ومع إباحة الفرد وعدم حرمته لا مانع من أن تنطبق عليه الطبيعة المأمور بها. ودعوى أنه غير مأمور بالوضوء حينئذ بل مأمور بالتيمم فاسدة ، لأنه مأمور بالوضوء لتمكنه من استعمال الماء عقلاً وهو ظاهر وشرعاً ، لعدم حرمته عليه واقعاً لأجل نسيانه. ودعوى أنه وإن لم يكن محرماً عليه إلاّ أن مقتضى حديث نفي الضرر تقيد الأمر بالوضوء بغير ما كان موجباً للضرر ، فالوضوء المضر مما لا يتعلق به أمر ، غير مسموعة لأنه إنما يجري مع الامتنان ، وأي امتنان في الحكم بفساد الوضوء الذي أتى به الناسي بعد نسيانه.

نعم يجري الحديث في صورة العلم بالضرر وإن قلنا بعدم حرمته ويوجب تقييد الأمر بالوضوء بغير صورة الضرر لأنه على وفق الامتنان ، لوضوح أن رفع الإلزام والتكليف والحكم بأنك غير مكلف بالوضوء موافق مع الامتنان ، ومع شمول الحديث والحكم بعدم وجوب الوضوء لو أتى به يقع فاسداً ، إذ لا مسوغ في عمله ولا أمر له فهو فاسد.

وأمّا في صورة الجهل فإن كان الضرر من القسم المحرّم فلا إشكال في الحكم ببطلان الوضوء ، لأنه عمل محرم مبغوض واقعاً والمبغوض لا يقع مقرباً ومصداقاً للواجب فيفسد. وقد عرفت أن الجهل عذر وغير رافع للحرمة والمبغوضية الواقعية وأمّا إذا لم يكن من القسم المحرّم فإن قلنا بمقالة المشهور وحكمنا بحرمة مطلق الضرر فأيضاً لا بدّ من الحكم بالفساد ، لأنه مبغوض واقعي والمحرّم والمبغوض لا يكون مقرّباً ولا يقع مصداقاً للواجب ، ومن هنا قلنا إن النهي في العبادة يقتضي الفساد‌

__________________

(١) السابع من شرائط الوضوء. بعد المسألة [٥٥٩].

۴۴۰