وموجود بوجود فأرد ، والمفروض أن هذا الوجود الواحد محكوم بحرمته وهو مبغوض ، ومع مبغوضيته وحرمته كيف يقع مصداقاً للواجب ومقرّباً إلى الله ، وإن كان ذلك الوجود أمراً مستمرّاً؟ هذا.

ولا يخفى أن الارتماس وإن كان له وجود واحد مستمر إلاّ أنه بما أنه ارتماس وتغطية غير محرم في الصوم وإنما حرم فيه لأنه مفطر ، ومن هنا لو ارتمس غافلاً أو ناسياً أو لا باختياره صحّ صومه ، فليس الصوم مشروطاً بعدم الارتماس وإنما هو مشروط بعدم المفطر. نعم الارتماس بما أنه ارتماس وتغطية محرم في الإحرام وأما في الصوم فلا. وإذا كان الأمر كذلك فلا إشكال في أن المفطر إنما هو حدوث ذلك الوجود الواحد المستمر وأمّا بعده وهو تحت الماء فهو ليس بمفطر ، إذ لا صوم ليكون بقاء الارتماس مفطراً له. ولا مانع من أن يكون شي‌ء واحد محكوماً بحكم بحدوثه وبحكم آخر بحسب البقاء ، وهذا كما في السجدة ، لأنّ الواجب منها هو ما كان بقدر الذكر وأمّا الزائد عليه أي إبقاء السجدة فهو أمر مستحب أي إطالتها.

وحيث إنّ الصوم صوم غير رمضان فلا دليل على حرمته ثانياً وثالثاً فلا محالة يكون الارتماس بحسب البقاء غير مفطر ولا محرّم كما عرفت ، فلا مانع من أن ينوي به الغسل فإنّه يقع صحيحاً حينئذ ، وهذا بخلاف صوم رمضان فانّ الارتماس بحسب البقاء أيضاً محرم فيه ثانياً وثالثاً وإن لم يكن مفطراً ، اللهمّ إلاّ أن يندم وهو تحت الماء ويتوب ، فانّ التوبة تجعل الذنب كالعدم فكأنه تحت الماء لم يرتكب الارتماس على وجه حرام ، وحينئذ لا مانع من أن ينوي الغسل عند الخروج وبه يحكم بصحّة غسله لا محالة. إلاّ أن ما ذكرناه في المقام يبتني على القول بكفاية الغسل والارتماس بقاء وهو ممّا لا نلتزم به كما مرّ.

هذا تمام كلامنا في هذا الجزء من الكتاب

ويليه إن شاء الله تعالى الجزء السادس وأوّله

فصل في مستحبّات غسل الجنابة. ولله الحمد أوّلاً وآخرا‌

۴۴۰