فيما دلّ على كفاية الغسل تحت المطر روايتان صحيحتان لعلي بن جعفر رواهما في كتابه ، كما رواهما الحميري والشيخ وغيرهما.

إحداهما : « عن الرجل يجنب هل يجزئه من غسل الجنابة أن يقوم في المطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك؟ فقال : إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك » (١).

ثانيتهما : « عن الرجل تصيبه الجنابة ولا يقدر على الماء فيصيبه المطر أيجزئه ذلك أو عليه التيمم؟ فقال : إن غسله أجزأه وإلاّ تيمّم » (٢) بدعوى دلالتهما على أن ماء المطر إذا كان بقدر سائر المياه مما يكفي في غسل بدنه أجزأه ذلك عن الغسل من دون اعتبار الترتيب في صحّته. ومقتضى إطلاقهما أن الغسل تحت المطر ملحق بالارتماسي في عدم اعتبار الترتيب فيه وإن لم يكن ارتماساً حقيقة.

وفيه : أن الصحيحتين لا إطلاق لهما ، حيث إن نظرهما إلى أن ماء المطر كبقية المياه ، فكأن السائل احتمل أن لا يكون ماء المطر كافياً في الغسل فسأله عمن أصابته الجنابة وهو لا يقدر على غير المطر من المياه فهل إصابة المطر كافية في حقه أو أن وظيفته التيمم ، ثمّ سأله عن حكمه عند تمكنه من سائر المياه فأجابه عليه‌السلام بأنه إن غسله اغتساله بالماء كفى. فالصحيحتان ناظرتان إلى كفاية ماء المطر كغيره وليستا ناظرتين إلى غير ذلك فلا إطلاق فيهما. على أن قوله : « إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ... » ظاهر في أنّ الاغتسال بالمطر لو كان كالاغتسال بالماء من حيث الكم والكيف أجزأه ، بأن يكون ماء المطر بمقدار يمكن به الاغتسال كبقيّة المياه وأن يغسل به رأسه أوّلاً ثمّ جسده كما هو الحال في الغسل بغير ماء المطر. ويشهد له قول علي بن جعفر : حتى يغسل رأسه وجسده. لأنه قرينة على التفاته إلى اعتبار الترتيب‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٣١ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١٠ ، مسائل علي بن جعفر : ١٨٣ / ٣٥٤ ، قرب الاسناد : ١٨٢ / ٦٧٢ ، التهذيب ١ : ١٤٩ / ٤٢٤.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٣٢ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١١ ، مسائل علي بن جعفر : ١٨٣ / ٣٥٥ ، قرب الاسناد : ١٨١ / ٦٦٨.

۴۴۰