الرأس والبدن (١) بدعوى أنها ظاهرة في شرطية تطهير البدن قبل الغسل في صحّته.

ولكن الصحيح عدم دلالتها على الاشتراط ، وذلك لأنا وإن قلنا إن ظاهر الأمر هو الوجوب النفسي وأن هذا الظهور الأوّلي انقلب إلى ظهور ثانوي في المركبات والمقيّدات ، حيث إن ظهور الأمر فيهما في الإرشاد إلى الشرطية أو الجزئية كما أن النهي فيهما ظاهر في الإرشاد إلى المانعية إلاّ أن هذا إنما هو فيما إذا كان المولى بصدد المولوية ، بأن يكون الأمر مولوياً ، فان الإرشاد إلى الشرطية والجزئية أو المانعية أيضاً من وظائف المولى. وأما إذا لم يكن المولى بهذا الصدد وإنما كان بصدد بيان أمر عادي طبيعي فلا ظهور لأمره في الإرشاد إلى أي شي‌ء ، والأمر في المقام كذلك ، لأن الغالب نجاسة الفرج بالمني في موارد غسل الجنابة ، والمني ليس كالبول ليزول بصب الماء عليه لأنه ماء كما في الخبر (٢) والمني لزج في نفسه وتحتاج إزالته إلى دلك أو صابون وإعمال عناية ، وهذا بحسب الطبع والمتعارف إنما يتحقق في الكنيف أو موضع آخر ثمّ يغتسل في موضع آخر لا أنه يزال في أثناء الغسل ، لأن غسله في أثناء الغسل صعب حيث إن الماء عند صبه على الرأس يصيبه لا محالة وهو نجس فيتنجس ما يلاقيه ، كما تتنجس الأرض حيث يقطر منه الماء على الأرض ويحتاج إلى تطهير ذلك كلّه ، والإمام عليه‌السلام بأمره بانقاء الفرج ناظر إلى بيان أمر طبيعي عادي ومعه لا ينعقد له ظهور في الإرشاد إلى الشرطية بوجه.

ويدلّ على ما ذكرناه صحيحة حكم بن حكيم المتقدّمة (٣) الآمرة بغسل الرجلين بعد غسل الرأس والبدن إذا كان الموضع قذراً ، لتنجسهما بوصول الماء إليهما ومعه لم يحكم ببطلان غسل رأسه وبدنه ، بل أمره بغسلهما بعد ذلك حتى يطهرا ويصح غسلهما‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٣٠ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٧.

(٢) الوسائل ١ : ٣٤٣ / أبواب أحكام الخلوة ب ٢٦ ح ٣. ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٤ ، ٧.

(٣) الوسائل ٢ : ٢٣٣ / أبواب الجنابة ب ٢٧ ح ١ وورد صدرها في ٢٣٠ / ب ٢٦ ح ٧. وقد تقدّم ذكرها في ص ٣٧٨.

۴۴۰