بيان ذلك : أن الأخبار الواردة في الغسل الارتماسي على قسمين : فقسم اشتمل على لفظة الارتماس وأنه إذا ارتمس ارتماسة واحدة أجزأه ، وهذا أي الارتماس ورد في روايتين معتبرتين (١). والارتماس معناه الستر والتغطية ، فيقال رمس خبره أي كتمه وستره ورمسه في التراب أي غطاه به. وقسم اشتمل على لفظة الاغتماس كما ورد في مرسلة الفقيه (٢) ، وهو أيضاً بمعنى الارتماس ، وإن قيل إن بينهما فرقاً وهو أن التستر والتغطي بالماء إذا كان كثيراً بأن مكث تحته فهو اغتماس ، وأما إذا لم يمكث تحته فهو ارتماس ، إلاّ أنه لم يثبت. وكيف كان ، فسواء ثبت أم لم يثبت فهما بمعنى واحد ، ومن الظاهر أن التغطي والتستر بالماء لا يتحقق إلاّ بإحاطة الماء تمام البدن بحيث لو بقي منه شي‌ء خارج الماء لم يصدق الاغتماس والتغطي.

وعليه فالارتماس أمر وحداني دفعي لا أنه تدريجي ، إذ ليس هو بمعنى إحاطة الماء ليقال إنه أمر تدريجي الحصول ، بل معناه التستر والتغطي وهما أمران دفعيان وعلى هذا فلا بدّ من أن يقال إن الارتماس إن كان بمعنى إحاطة الماء للبدن فهو أمر تدريجي لا بدّ من أن ينوي الغسل من أوّل جزء دخل في الماء ، وإذا كان معناه التغطِّي والتستّر فهو دفعي وحداني لا بدّ أن يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه. فهو إمّا هذا أو ذاك لا أنه قد يتحقق بهذا وقد يتحقق بذاك ، وبما أن اللغة قد فسرته بالتستّر والتغطِّي وبيّنت موارد استعمالاته فهي أصدق شاهد على أنه بمعنى الستر والتغطي فهو أمر دفعي وحداني ومعه ينوي الغسل حال استيعاب الماء تمام بدنه. والأحوط أن لا ينوي شيئاً لاحتمال أن يكون الارتماس بمعنى إحاطة الماء وهو تدريجي ، والأولى من ذلك أن يقصد ما في الذمّة لأنه مبرئ على كل حال.

__________________

(١) وهما صحيحة زرارة وصحيحة الحلبي. الوسائل ٢ : ٢٣٠ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٥ ، ١٢. وكذلك ورد لفظ الارتماس في موثقة السكوني ، نفس الباب ح ١٣.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٣٣ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ١٥. الفقيه ١ : ٤٨ / ١٩١.

۴۴۰