المشرفة بوجه ، وذلك لعدم كونها ظرفاً لوجودهم بل ظرفاً لزيارتهم والعبادة فيها ولا يُقال إنها بيت فيه الإمام بل هي بيت دفن فيه الإمام. وكون أمواتهم كاحيائهم مرزوقون عند ربّهم وإن كان صحيحاً إلاّ أن الحكم مترتب على عنوان لا يشمل ذلك العنوان البيوت التي دفنوا فيها ، حيث لا تضاف البيوت إليهم إضافة ظرفية لوجودهم ولا يُقال إنها بيت فيه الإمام بل إنها بيت فيه قبره عليه‌السلام.

فتحصل : أن الأخبار أيضاً كالوجهين السابقين ولا دلالة فيها على حرمة دخول الجنب المشاهد ، ولا سيما أن الجنب في بعضها كان جنباً عن الحرام والاستمناء ، كما في رواية جابر الجعفي المشتملة على قضية الأعرابي ، ويحتمل أن يكون منعه عليه‌السلام ناظراً إلى تلك الجهة لا إلى جهة حرمة دخول مطلق الجنب. هذا ولكنه مع ذلك لا يمكن الجزم بالجواز ، لذهاب جماعة إلى الحرمة ، ولكن الحرمة لو تمّت وثبتت تختص بالحرم ولا تعمّ الرواق ، لعدم كونه بيتاً فيه الإمام أو فيه قبره وإنما هو بيت محيط بذلك البيت.

ثمّ إن ظواهر الأخبار على تقدير تماميتها أن طبيعي دخول الجنب بيوت الأنبياء مبغوض محرم بلا فرق في ذلك بين المكث والاجتياز ، فيكون حالها حال المسجدين لا كسائر المساجد ، فلو كانت الأخبار تامّة لزمنا الحكم بحرمة مطلق الدخول ولو كان على نحو الاجتياز ، فما عن صاحب الحدائق قدس‌سره من أن منعه عليه‌السلام لعله كان مستنداً إلى علمه بلبث أبي بصير ومكثه عنده (١) ممّا لا وجه له ، حيث إن علمه الخارجي بلبث أحد لا يقتضي الحكم بالحرمة على نحو الإطلاق.

كما أنّ دخول الجنب المشاهد المشرفة لو كان مستلزماً للهتك لحرم بلا كلام ، سواء تمّت الأخبار المتقدّمة دلالة وسنداً أم لم تتم ، بل الهتك في المشاهد أعظم من الهتك في‌

__________________

(١) الحدائق ٣ : ٥٤.

۴۴۰