إسحاق عن بكر بن محمّد الأزدي (١). فقد دلّتنا هذه الأخبار على أن دخول الجنب المشاهد محرّم ، إذ لا فرق بين أحيائهم وأمواتهم.

ويتوجّه على الاستدلال بهذه الأخبار أن ما كانت دلالته منها تامّة على المدعى ضعيفة السند كرواية الجعفي والمفيد وعلي بن عيسى في ( كشف الغمة ) والكشي في رجاله (٢) ، فإنّ النهي فيها عن دخول الجنب على الإمام عليه‌السلام أو بيوت الأنبياء أو غضبه عليهم‌السلام وإن كان ظاهراً في حرمة دخول الجنب على الإمام عليه‌السلام إلاّ أنها ضعاف بالإرسال. وما كان بحسب السند معتبراً كالروايتين المتقدّمتين غير تامّة بحسب الدلالة ، وذلك لأنه بناءً على أن كلمة « لا ينبغي » ظاهرة في الكراهة كما هو المعروف بينهم فعدم دلالتهما على الحرمة في غاية الوضوح ، وأما بناءً على ما استظهرناه من أنها بمعنى لا يتيسر ولا يتمكن وأن معنى لا ينبغي لك أي لا تتمكن منه ، وحيث إنه متمكن منه تكويناً فتكون ظاهرة في عدم التمكن شرعاً وتشريعاً وهو معنى الحرمة. فالروايتان في نفسيهما وإن كانتا ظاهرتين في الحرمة إلاّ أن هناك قرينتين على عدم إرادة ظاهر تلك اللفظة في خصوص الروايتين :

إحداهما : أن أبا بصير إنما كان بصدد الاختبار كما شهد به بعض الأخبار الواردة في المسألة أعني رواية كشف الغمة ، حيث صرح فيها أبو بصير بكونه بصدد الامتحان والاختبار ، وكان الإمام عليه‌السلام في مقام الإعجاز والإخبار عن أمر واقعي ولم يكن بصدد بيان الحرمة والحلية ، فقوله : « لا ينبغي » وهو في هذا المقام لا يلائم أدنى مرتبة الكراهة فضلاً عن الكراهة التامّة فلا نستفيد منها الحرمة بتلك القرينة ، حيث يحتمل إرادة الكراهة منها حينئذ لعدم منافاتها مع كلمة لا ينبغي.

وثانيتهما : أنا نقطع بدخول الجنب على الأئمة عليهم‌السلام في أسفارهم ومجالسهم العامّة كجلوسهم في الأعياد وغيرها ، للعلم الوجداني بعدم خلو جميعهم‌

__________________

(١) المصدر المتقدّم ، كذا قرب الاسناد : ٤٣ / ١٤٠.

(٢) راجع الوسائل ٢ : ٢١١ / أبواب الجنابة ب ١٦ ، فان جميعها مذكورة فيها ، الإرشاد ٢ : ١٨٥ ، كشف الغمّة ٢ : ١٨٨ ، رجال الكشي : ١٧٠ / ٢٨٨.

۴۴۰