فرضت الحدث في الأثناء ودلّت بظاهرها على وجوبه في الأثناء ثمّ الرجوع إلى صلاته فمع فرض إطلاقها لكل من صورتي التمكّن من الوضوء وعدمه لا بدّ من الحكم بسقوط الصلاة عن المكلّف في مفروض المسألة ، وذلك لأنّ المفروض أن صلاته مشروطة بالطّهارة حتى إذا لم يتمكّن من الطّهارة ، ولازمه تعذر الصلاة في حقه لتعذّر شرطها لعجز المكلّف عن الوضوء في الأثناء واستلزامه العسر والحرج.

وتوهم عدم إمكان الإطلاق فيها على نحو يشمل كلا من حالتي التمكن من الوضوء وعدمه ، لأنها مشتملة على الأمر بالوضوء ، والتكليف مع عدم القدرة غير ممكن. مندفع بأن الأمر وإن كان كذلك إلاّ أنه يختص بالتكاليف المولوية ، وأما الأوامر الإرشادية إلى الاشتراط كما في المقام أو غيره فلا مانع من أن تشمل موارد عدم التمكّن أيضاً ، فتدلّ على اشتراط الصلاة بالطّهارة مطلقاً حتى مع عدم التمكّن من شرطها وهذا مما لا محذور فيه. نعم إنا نعلم علماً خارجياً أن الصلاة لا تسقط عن المبطون ونحوه طيلة حياته كأربعين أو ثلاثين سنة ، وبهذا نستكشف أنها لا إطلاق لها بحيث يشمل صورة عدم التمكّن أيضا.

وعليه فيتمسك بموثقة ابن بكير عن محمّد بن مسلم المتقدِّمة (١) بناء على ما استظهرناه من دلالتها على وجوب الوضوء قبل الصلاة والبناء عليها المؤيدة بما رواه محمّد بن مسلم في الفقيه من أنّ صاحب البطن الغالب يتوضّأ ويبني على صلاته (٢) ومقتضاهما وجوب الوضوء على المبطون مرّة واحدة لصلاته من دون أن يجب عليه في أثنائها ، وحيث إنا تحفظنا على دليل الناقضية فلا بدّ من إعادة الوضوء لكل صلاة لأنّ الأوّل ينتقض بما يخرج منه بعد ذلك لا أنه يتوضأ إلى أن يلزم الحرج فإذا لزم لم يجب عليه الوضوء ، لأنه كما مرّ مما لا دليل عليه.

وقياس ناقضية الحدث قبل لزوم الحرج وعدم ناقضيته بعد الحرج بناقضية الحدث قبل الصلاة وعدمها بعد الدخول في الصلاة كما ذهب إليه الماتن ( قدس‌سره )

__________________

(١) في ص ٢١٧.

(٢) الفقيه ١ : ٢٣٧ / ١٠٤٣.

۴۴۰