وسواء نوى الرِّياء من أوّل العمل أو نوى في الأثناء (١)


العبادة المظروفة إذا بطلت للرياء لا يقتضي ذلك بطلان ظرفها لأنهما عبادتان ، ولا وجه لإسراء البطلان من أحدهما إلى الآخر ، وقد أسلفنا أن ما ورد في بعض الروايات من حرمة إدخال رضا أحد في العبادة ليس معناه حرمة جعل العبادة ظرفاً للرِّياء ، بل معناه حرمة الإتيان بالعبادة بداعي رضا غير الله على أن يكون لرضا غيره مدخلية في عبادته.

وثانيهما : أن يكون ما نسميه بالجزء المستحب موجباً لحدوث خصوصية في العبادة ، بها تصير أرجح الأفراد وأفضلها ويكون ثوابها أكثر من بقيّة الأفراد من غير أن يكون عبادة في نفسها ، كما هو الحال في الجماعة في الصلاة ، حيث إنها أي الجماعة ليست مستحبّة في نفسها ، وإنما هي توجب حدوث مزيّة في ذلك الفرد بها تكون أرجح من غيره ويكون ثوابه أكثر من بقيّة الأفراد الواجبة ، ولا يبعد أن يكون القنوت أيضاً من هذا القبيل ، وهذا يرجع في الحقيقة إلى التقييد وأن الصلاة المتقيّدة بالقنوت في أثنائها أو بأمر آخر قبلها أو بعدها أرجح من غيرها ، وثوابها أزيد من ثواب بقيّة الأفراد.

فإذا فرضنا أن التقييد حصل على وجه محرّم مبغوض فكأن التقييد المستحب لم يكن ، فلا يترتب على العبادة مزيّة راجحة إلاّ أنها تقع صحيحة في نفسها.

(١) وذلك للإطلاق ، حيث إن ما دلّ على بطلان العبادة التي أشرك فيها مع الله غيره غير مختص بما إذا كان الإشراك من أوّل العمل ، بل إذا تحقق في أثنائه أيضاً يصدق عليه عنوان الرِّياء ويقال إنه أشرك في عمله مع الله غيره فيبطل ، نعم إذا حدث ذلك في أثناء العبادة إلاّ أنه لم يقتصر على ذلك الجزء الصادر بداعي غير الله بل أتى به ثانياً بداعي امتثال أمر الله سبحانه دخل ذلك في المسألة المتقدِّمة أعني الرِّياء في جزء العمل ، ويأتي فيه التفصيل المتقدِّم بعينه.

۴۴۰