الإشكال في عدم جريان القاعدة في الوضوء لا في هذه المسألة وهي الشك فيه في أثناء الصلاة ولا في المسألة السابقة وهي ما إذا شك فيه بعد الصلاة.

وذلك لأن الشرط وهو الوضوء أو الطّهارة المقارنة للصلاة لم يتجاوز عنه المكلّف إذ التجاوز إما أن يكون تجاوزاً عن نفس الشي‌ء وهو إنما يعقل بعد إحراز وجوده ومع الشك في وجود الشي‌ء لا معنى للتجاوز عن نفسه ، وإما أن يكون التجاوز عن محلِّه وهو المعتبر في جريان القاعدة التجاوز ومحل الشرط المقارن إنما هو مجموع الصلاة ، فإذا شكّ فيه في أثنائها فلا يحكم بتجاوز محل الشرط فلا تجري فيه القاعدة كما لا تجري بالإضافة إلى الصلوات الآتية إذا شكّ في الوضوء بعد الصلاة كما في المسألة المتقدّمة ، لوضوح عدم تجاوز محل الشرط المقارن قبل الشروع فيه أو حينه.

وأما إذا قلنا إن شرط الصلاة هو الوضوء الحدوثي بشرط عدم تعقبه بالحدث ، فهل تجري قاعدة التجاوز في الوضوء حينئذ عند الشك فيه في أثناء الصلاة أو بعدها باعتبار أنه من الشرط المتقدّم وهو مما قد تجاوز محله أو لا تجري؟

التحقيق هو الثاني ، وذلك لأن الأمر الشرعي لا يتعلق بالشرط أبداً وإنما يتعلق بذات المشروط المتقيّد بالشرط كالصلاة المتقيّدة بالوضوء ولا يتعلق بنفسه ، وعليه فلا محل شرعي للشرط حتى يقال إن محله قد مضى. نعم للصلاة المقيّدة بالشرط محل شرعي دون شرطها ، لأنه ليس كالأجزاء المتعلّقة للأمر شرعاً كالركوع إذا شكّ فيه وهو ساجد مثلاً حتى يقال إن محله قد مضى وتجاوز ، نعم يجب إيجاد الوضوء قبل الصلاة عقلاً لتحصيل التقيد المأمور به في الصلاة إلاّ أنه لا محل شرعي له حتى لو قلنا بوجوب مقدّمة الواجب ، لأن الوجوب المقدمي لا أثر له وليس كالوجوب الضمني المتعلق بالأجزاء.

وهذا نظير ما ذكرناه في الشك في الإتيان بصلاة الظهر وهو في صلاة العصر ، حيث منعنا عن جريان قاعدة التجاوز في صلاة الظهر لأنها مما لا محل له شرعاً ، نعم تجب أن تكون صلاة العصر بعد صلاة الظهر وأما أن صلاة الظهر تجب أن تكون قبل‌

۴۴۰