نشأت عن فتوى بعض العلماء (١). إلاّ أنه قدس‌سره إنما كرّرها في المقام لما فيها من الخصوصية الزائدة ، وهي أنه فصّل بين ما إذا احتمل وجود الحاجب وكان له حالة سابقة وجودية فحكم حينئذ بوجوب تحصيل اليقين أو الاطمئنان بعدمه ، وما إذا احتمل وجوده ولم تكن له حالة سابقة وجودية كما إذا احتمل أصابه قطرة من القير لمواضع غسله أو وضوئه فحكم حينئذ بكفاية كل من اليقين والاطمئنان بالعدم والظن به.

وهذه التفرقة مبنيّة على دعوى تحقق السيرة المتشرعية على عدم الاعتناء باحتمال وجود الحاجب فيما إذا لم يكن مسبوقاً بالوجود وقد ظنّ عدمه ، ولا وجه لها غيرها لأن الاستصحاب غير معتبر عنده قدس‌سره وإلاّ لجرى استصحاب عدمه حتى فيما لم يظن بعدمه ، وحينئذ يتوجه عليه أن السيرة غير محرزة ، وعلى تقدير تسليمها لم نحرز اتصالها بزمان المعصومين عليهم‌السلام فالصورتان سواء فيما ذكرناه.

ويدلّ على ذلك مضافاً إلى الاستصحاب المقتضي للحكم بعدم وصول الماء إلى البشرة وقاعدة الاشتغال الحاكمة بعدم سقوط التكليف بالوضوء صحيحة علي بن جعفر الدالّة على أن المرأة لا بدّ من أن تحرك الدملج وأسوارها حتى تتيقن بوصول الماء تحتهما (٢) وإن كان موردها الشك في حاجبية الموجود دون الشك في وجود الحاجب إلاّ أنك عرفت عدم الفرق بين الصورتين.

وقد بيّنا سابقاً في مسائل الشك في الحاجب أن ما ورد في ذيل الصحيحة من السؤال عن حكم الخاتم الضيّق وقوله عليه‌السلام : إن علم بعدم وصول الماء تحته فلينزعه ، غير معارض لصدرها نظراً إلى أن مفهوم الذيل أنه إذا لم يعلم بالحاجبية وشك فيها لم يجب عليه النزع وتحصيل اليقين بالوصول ، وذلك لأن حكم الشك في الحاجبية قد ظهر من صدر الصحيحة ، حيث دلّ على وجوب تحصيل اليقين بوصول‌

__________________

(١) شرح العروة ٥ : ٧٢.

(٢) الوسائل ١ : ٤٦٧ / أبواب الوضوء ب ٤١ ح ١. وتقدّم ذكرها في مبحث الشك في الحاجب في مسائل الوضوء ، شرح العروة ٥ : ٧٠.

۴۴۰