وأمّا ما في بعض الروايات من قوله عليه‌السلام : « لو أن عبداً عمل عملاً يطلب به وجه الله والدار الآخرة وأدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركاً » (١) فليس معناه أن الرِّياء إذا تحقق في أثناء العمل وفي جزء منه يحكم ببطلانه لإشراك فاعله ، وبعبارة أُخرى إذا كانت العبادة ظرفاً للرياء يحكم ببطلانها ، بل معناه أن العمل بتمامه إذا صدر عن داع ريائي يحكم ببطلانه ، وذلك لأنه لا معنى لإدخال رضا الغير في عمل نفسه ، إذ الرضا من الأفعال القلبية القائمة بالغير فكيف يدخل ذلك في عمل شخص آخر ، فلا معنى له إلاّ كون رضا الغير مما له مدخلية في عمله وهو عبارة أُخرى عن إتيان العبادة بداعي رضا الغير ، وقد عرفت أن العمل إذا صدر بداعي إراءته للغير أو رضائه يحكم ببطلانه وفساده. وأين هذا عما نحن فيه ، أعني ما إذا أتى بجميع أجزاء العمل بداعي الله سبحانه إلاّ في جزء من أجزائه ثمّ ندم وأتى به مرّة أُخرى على وجه صحيح ، فالرواية لا دلالة لها على البطلان في مفروض المسألة ، هذا كلّه.

ثمّ لو تنزّلنا عن ذلك وبنينا على المسامحة العرفية بأن قلنا إنّ الوضوء عمل مركّب فهو شي‌ء واحد عرفاً ، وقد تحقق الرِّياء في ذلك الأمر الواحد مع أن العرف لا يراه شيئاً واحداً أيضاً لا نحكم ببطلانه ، وذلك لأن الباطل أو المحرّم إنما هو مجموع العمل بما هو مجموع ، وأما إذا قسمناه وأخذنا بالمقدار الذي صدر منه عن الداعي الإلهي فهو ليس شيئاً وقع الرِّياء في أثنائه.

وبالجملة : العرف لا يحكم إلاّ بوقوع الرِّياء في مجموع العمل لا في جميع أجزائه ، فما صدر من المجموع بالداعي الصحيح مما لا إشكال في صحّته. هذا كله في الجزء الوجوبي ، ومنه يظهر الحال في الجزء المستحب.

__________________

(١) وهو ما رواه الحلبي عن زرارة وحمران عن أبي جعفر عليه‌السلام المروي في الوسائل ١ : ٦٧ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١١ ح ١١.

۴۴۰