ذلك ليس هو كون الوضوء من توابع الصلاة ولا يعتنى بكثرة الشك في الصلاة ، وذلك لعدم الدليل على اشتراك التابع مع متبوعه في جميع الأحكام ، بل الدليل على ذلك صحيحة محمّد بن مسلم : « إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك ، فإنه يوشك أن يدعك ، إنما هو من الشيطان » (١) لأن الظاهر المستفاد بحسب الفهم العرفي أن الضمير في قوله « هو » يرجع إلى كثرة الشك لا إلى الشك في خصوص الصلاة ، وإن كان موردها هو الصلاة ، إلاّ أن الضمير راجع إلى كثرة الشك ، فالصحيحة تدلّنا على أن كثرة الشك من الشيطان ، وهو صغرى للكبرى المعلومة خارجاً وهي أن إطاعة الشيطان مذمومة قبيحة ولا ينبغي إطاعته ، بل يمضي في عمله ولا يعتني بشكّه.

وصحيحة ابن سنان « ذكرت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجلاً مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت : هو رجل عاقل ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : وأي عقل له وهو يطيع الشيطان ، فقلت له : وكيف يطيع الشيطان؟ فقال عليه‌السلام : سله هذا الذي يأتيه من أي شي‌ء هو فإنه يقول لك : من عمل الشيطان » (٢) وهذه الصحيحة ذكر فيها الابتلاء بالوضوء والصلاة ، وقد حملها الأصحاب على الوسوسة التي هي أعلى مراتب كثرة الشك ، بل النسبة بينهما عموم من وجه ، لأن الوسوسة هي الاحتمالات التي يحتملها الوسواسي ولا منشأ عقلائي لها ، فترى مثلاً أنه يدخل الماء ويرتمس ويحتمل أن لا يحيط الماء برأسه ، أو يتوضأ وهو على سطح الطبقة الثانية مثلاً ويحتمل أن قطرة من القطرات الواقعة على الأرض طفرت على بدنه أو لباسه مع أن الفاصل بينهما خمسة أمتار أو أزيد ، إلى غير ذلك من الاحتمالات التي ليس لها منشأ عقلائي.

وأمّا كثرة الشك فاحتمالات كثير الشك عقلائية إلاّ أنها متكررة وكثيرة ، ومعه لا موجب لحملها على الوسوسة ، لأن الابتلاء بالوضوء والصلاة كما يشمل الوسوسة كذلك يشمل كثرة الشك فيهما وكلاهما من الشيطان ، فإن أدنى ما يستلزمه كثرة الشك‌

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٢٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٦ ح ١.

(٢) الوسائل ١ : ٦٣ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١٠ ح ١.

۴۴۰