عن الواجب بالذات.
منها : أنّ حقيقة الواجب بالذات لا تساوي حقيقة شيء ممّا سواها ، لأنّ حقيقة غيره تقتضي الإمكان وحقيقته تنافيه (١) ، ووجوده يساوي وجود الممكن في أنّه وجود ، فحقيقته غير وجوده ، وإلّا كان وجود كلّ ممكن واجبا (٢).
ومنها : أنّه لو كان وجود الواجب بالذات مجرّدا عن الماهيّة فحصول هذا الوصف له إن كان لذاته كان وجود كلّ ممكن واجبا ، لاشتراك الوجود ، وهو محال ، وإن كان لغيره لزمت الحاجة إلى الغير ، ولازمه الإمكان ، وهو خلف.
ومنها : أنّ الواجب بالذات مبدأ للممكنات ، فعلى تجرّده عن الماهيّة : إن كانت مبدئيّته لذاته لزم أن يكون كلّ وجود كذلك (٣) ، ولازمه كون كلّ ممكن علّة لنفسه ولعلله ، وهو بيّن الاستحالة (٤). وإن كانت (٥) لوجوده مع قيد التجرّد لزم تركّب المبدأ الأوّل بل عدمه ، لكون أحد جزئيه ـ وهو التجرّد ـ عدميّا. وإن كانت (٦) بشرط التجرّد لزم جواز أن يكون كلّ وجود مبدأ لكلّ وجود ، إلّا أنّ الحكم تخلّف عنه لفقدان الشرط ، وهو التجرّد.
ومنها : أنّ الواجب بذاته إن كان نفس الكون في الأعيان ـ وهو الكون المطلق ـ ، لزم كون كلّ موجود واجبا. وإن كان هو الكون مع قيد «التجرّد عن الماهيّة»
__________________
ـ عيون الحكمة ٣ : ١١٧ : «لا يجوز أن تكون حقيقة واجب الوجود عين وجوده ، ويدلّ عليه وجوه ...». وتعرّض لها وللإجابة عليها في الأسفار ١ : ١٠٨ ـ ١١٢ ، وفي شرح المقاصد ١ : ٦٥.
(١) لأنّ حقيقته تقتضي الوجوب بالذات.
(٢) أو كان وجود الواجب ممكنا ، وهو خلف.
ولا يخفى أنّ قوله : «وإلّا كان وجود كلّ ممكن واجبا» اعتراض آخر ، وحاصله : أنّه لو كان حقيقة الواجب نفس وجوده كان وجود كلّ ممكن واجبا ، أو وجود الواجب ممكنا ، والتالي باطل ، فالمقدّم باطل.
(٣) لأنّ المفروض أنّ وجود الممكن يساوي وجود الواجب في أنّه وجود.
(٤) أمّا كونه علّة لنفسه فلأنّه تقدّم للشيء على نفسه ، وهو محال. وأمّا كونه علّة لعلله فلأنّه دور ، وهو محال.
(٥ و ٦) أي : مبدئيّته.