التي ليست لها في ذاتها إلا جهة واحدة ، معاليل كثيرة بما هي كثيرة متباينة ، غير راجعة إلى جهة واحدة بوجه من الوجوه ، لزمه تقرر جهات كثيرة في ذاتها وهي ذات جهة واحدة ، وهذا محال.

ويتبين بذلك ، أن ما يصدر عنه الكثير من حيث هو كثير ، فإن في ذاته جهة كثرة ، ويتبين أيضا أن العلل الكثيرة ، لا تتوارد على معلول واحد.

الفصل الخامس

في استحالة الدور والتسلسل في العلل

أما استحالة الدور وهو توقف وجود الشيء ، على ما يتوقف عليه وجوده ، إما بلا واسطة وهو الدور المصرح ، وإما بواسطة أو أكثر وهو الدور المضمر ، فلأنه يستلزم توقف وجود الشيء على نفسه ، ولازمه تقدم الشيء على نفسه بالوجود ، لتقدم وجود العلة على وجود المعلول بالضرورة.

وأما استحالة التسلسل ، وهو ترتب العلل لا إلى نهاية ، فمن أسد البراهين عليها ، ما أقامه الشيخ ، في إلهيات الشفاء ، ومحصله أنا إذا فرضنا معلولا وعلته ، وعلة علته وأخذنا هذه الجملة ، وجدنا كلا من الثلاثة ذا حكم ضروري يختص به ، فالمعلول المفروض معلول فقط ، وعلته علة لما بعدها معلولة لما قبلها ، وعلة العلة علة فقط غير معلولة ، فكان ما هو معلول فقط طرفا وما هو علة فقط طرفا آخر ، وكان ما هو علة ومعلول معا وسطا بين طرفين ، ثم إذا فرضنا الجملة أربعة مترتبة ، كان للطرفين ما تقدم من حكم الطرفين ، وكان الاثنان الواقعان ، بين الطرفين مشتركين في حكم الوسط ، وهو أن لهما العلية والمعلولية معا ، بالتوسط بين طرفين ، ثم كلما زدنا في عدد الجملة إلى ما لانهاية له ، كان الأمر جاريا على مجرى واحد ، وكان مجموع ما بين

۱۸۴۱