الفصل الأول

في الوجود الخارجي والوجود الذهني

المشهور بين الحكماء أن للماهيات ، وراء الوجود الخارجي ، وهو الوجود الذي ، يترتب عليها فيه الآثار (١) المطلوبة منها ، وجودا آخر لا يترتب عليها فيه الآثار ، ويسمى وجودا ذهنيا ، فالإنسان الموجود في الخارج قائم لا في موضوع ، بما أنه جوهر ، ويصح أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة بما أنه جسم ، وبما أنه نبات وحيوان وإنسان ، ذو نفس نباتية وحيوانية وناطقة ، ويظهر معه آثار هذه الأجناس والفصول وخواصها ، والإنسان الموجود في الذهن المعلوم لنا إنسان ذاتا ، واجد لحده ، غير أنه لا يترتب عليه شيء من تلك الآثار الخارجية.

وذهب بعضهم إلى أن المعلوم لنا ، المسمى بالموجود الذهني شبح الماهية لا نفسها ، والمراد به عرض وكيف قائم بالنفس ، يباين المعلوم الخارجي في ذاته ، ويشابهه ويحكيه في بعض خصوصياته ، كصورة الفرس المنقوشة على الجدار ، الحاكية للفرس الخارجي ، وهذا في الحقيقة سفسطة ، (٢)

__________________

(١) المراد بالأثر في هذا المقام هو كمال الشئ ، سواء كان كمالا أولا تتم به حقيقة الشئ كالحيوانية والنطق في الانسان ، أو كمالا ثانيا مترتبا على الشئ بعد تمام ذاته ، كالتعجب والضحك للانسان. ـ منه (رحمه الله) ـ.

(٢) لمغايرة الصور الحاصلة عند الانسان لما في الخارج مغايرة مطلقة ، فلا علم بشئ مطلقا وهو السفسطة. ـ منه (رحمه الله) ـ.

۱۸۴۱