التي هي عين الذات المتعالية ، على ما تقدم (١) البرهان عليها ، وذلك لأن صدور الكثير من حيث هو كثير ، من الواحد من حيث هو واحد ممتنع ، على ما تقدم (٢) ، والقدرة لا تتعلق إلا بالممكن ، وأما المحالات الذاتية الباطلة الذوات ، كسلب الشيء عن نفسه ، والجمع بين النقيضين ورفعهما مثلا ، فلا ذات لها حتى تتعلق بها القدرة ، فحرمانها من الوجود ، ليس تحديدا للقدرة وتقييدا لإطلاقها.

ثم إن العقل الأول ، وإن كان واحدا في وجوده بسيطا في صدوره ، لكنه لمكان إمكانه ، تلزمه ماهية اعتبارية غير أصيلة ، لأن موضوع الإمكان هي الماهية ، ومن وجه آخر ، هو يعقل ذاته ويعقل الواجب تعالى ، فيتعدد فيه الجهة ، ويمكن أن يكون لذلك مصدرا ، لأكثر من معلول واحد.

لكن الجهات الموجودة في عالم المثال ، الذي دون عالم العقل ، بالغة مبلغا لا تفي بصدورها الجهات القليلة ، التي في العقل الأول ، فلا بد من صدور عقل ثان ثم ثالث وهكذا ، حتى تبلغ جهات الكثرة عددا ، يفي بصدور العالم الذي يتلوه من المثال.

فتبين أن هناك عقولا طولية كثيرة ، وإن لم يكن لنا طريق إلى إحصاء عددها.

الفصل الثاني عشر

في العقول العرضية

أثبت الإشراقيون ، في الوجود عقولا عرضية ، لا علية ولا معلولية بينها ، هي

__________________

(١) في الفصل السادس.

(٢) في الفصل

۱۸۴۱