ولو جاز لنا أن نرتاب ، في ارتباط غايات الأفعال بفواعلها ، مع ما ذكر من دوام الترتب ، جاز لنا أن نرتاب في ارتباط الأفعال ، بفواعلها وتوقف الحوادث والأمور على علة فاعلية ، إذ ليس هناك إلا ملازمة وجودية وترتب دائمي ، ومن هنا ما أنكر كثير من القائلين بالاتفاق ، العلة الفاعلية كما أنكر العلة الغائية ، وحصر العلية في العلة المادية ، وستجيء (١) الإشارة إليه.

فقد تبين من جميع ما تقدم ، أن الغايات النادرة الوجود المعدودة من الاتفاق ، غايات دائمية ذاتية لعللها ، وإنما تنسب إلى غيرها بالعرض ، فالحافر لأرض تحتها كنز يعثر على الكنز دائما ، وهو غاية له بالذات ، وإنما تنسب إلى الحافر للوصول إلى الماء بالعرض ، وكذا البيت الذي اجتمعت عليه أسباب الانهدام ، ينهدم على من فيه دائما ، وهو غاية للمتوقف فيه بالذات ، وإنما عدت غاية للمستظل بالعرض ، فالقول بالاتفاق من الجهل بالسبب.

الفصل العاشر

في العلة الصورية والمادية

أما العلة الصورية فهي الصورة ، بمعنى ما به الشيء هو هو بالفعل ، بالنسبة إلى النوع المركب منها ومن المادة ، فإن لوجود النوع توقفا عليها بالضرورة ، وأما بالنسبة إلى المادة ، فهي صورة وشريكة العلة الفاعلية على ما تقدم (٢) ، وقد تطلق الصورة على معان أخر خارجة من غرضنا.

وأما العلة المادية فهي المادة ، بالنسبة إلى النوع المركب منها ومن الصورة ، فإن لوجود النوع توقفا عليها بالضرورة ، وأما بالنسبة إلى الصورة فهي ،

__________________

(١) في الفصل الآتي.

(٢) في الفصل السابع من المرحلة السادسة.

۱۸۴۱