الفصل الثالث

من الوجود في نفسه ما هو لغيره ومنه ما هو لنفسه

والمراد بكون وجود الشيء لغيره ، أن يكون الوجود الذي له في نفسه ، وهو الذي يطرد عن ماهيته العدم ، هو بعينه يطرد عدما عن شيء آخر ، لا عدم ذاته وماهيته ، وإلا كان لوجود واحد ماهيتان ، وهو كثرة الواحد ، بل عدما زائدا على ذاته وماهيته ، له نوع مقارنة له ، كالعلم الذي يطرد بوجوده العدم عن ماهيته الكيفية ، ويطرد به بعينه عن موضوعه الجهل ، الذي هو نوع من العدم يقارنه ، وكالقدرة فإنها كما تطرد عن ماهية نفسها العدم ، تطرد بعينها عن موضوعها العجز.

والدليل على تحقق هذا القسم وجودات الأعراض ، فإن كلا منها كما يطرد عن ماهية نفسه العدم ، يطرد بعينه عن موضوعه نوعا من العدم ، وكذلك الصور النوعية الجوهرية ، فإن لها نوع حصول لموادها ، تكملها وتطرد عنها نقصا جوهريا ، وهذا النوع من الطرد هو المراد بكون ، الوجود لغيره وكونه ناعتا.

ويقابله ما كان طاردا لعدم نفسه فحسب ، كالأنواع التامة الجوهرية كالإنسان والفرس ، ويسمى هذا النوع من الوجود وجودا لنفسه ، فإذن المطلوب ثابت وذلك ما أردناه.

وربما يقسم الوجود لذاته ، إلى الوجود بذاته والوجود بغيره ، وهو بالحقيقة راجع إلى العلية والمعلولية ، وسيأتي (١) البحث عنهما.

__________________

(١) في المرحلة السابعة.

۱۸۴۱