أحدهما : ما إذا نوى الجنابة وكان عليه أغسال واجبة اخرى وغفل عنها حين الاغتسال ، فهل يكون اغتساله من الجنابة مسقطاً عن غيره من الأغسال الواجبة أو لا يكون مسقطاً عنها؟

وثانيهما : في أنّه إذا اغتسل من غسل واجب غير الجنابة كغسل مسّ الميت أو الحيض وكان عليه أغسال واجبة أُخرى من الجنابة أو غيرها ، فهل يكون غسله ذلك مسقطاً عن غيره من الأغسال الواجبة فيما إذا غفل ولم ينوها أو لا يكون مسقطاً عنها؟

أمّا المقام الأوّل فالظاهر تسالمهم على أنّ غسل الجنابة مسقط عن الأغسال الواجبة وإن لم ينوها حال الاغتسال ، بل قد نقل الإجماع على كفايته وإسقاطه لبقيّة الأغسال الواجبة على المكلّف.

والوجه في تسالمهم هذا أنّ غسل الجنابة وكفايته عن غيره من الأغسال هو القدر المتيقن من صحيحة زرارة المتقدّمة (١) ، لأنّ موردها الجنب ، وإلاّ لم يكن معنى لكون غسله مجزئاً عن الجنابة كما هو مفروض الصّحيحة ، ومن الطّبيعي أنّ الجنب يغتسل عن الجنابة أي يغتسل ناوياً لجنابته ، وفي هذا المورد حكم عليه‌السلام بإجزاء ذلك الغسل عن غيره.

وأمّا أنّه مجزئ عن غيره حتّى فيما إذا لم ينو غير غسل الجنابة من الأغسال الواجبة أو أنّه إنّما يجزئ فيما إذا نوى الجميع فهو مبني على استظهار أنّ قوله « للجنابة ... » في صدر الصّحيحة الّذي هو جارّ ومجرور متعلّق بأيّ شي‌ء ، فهل هو متعلّق بالغسل في قوله « أجزأك غسلك ذلك للجنابة » ، وعليه تدلّ الصّحيحة على إجزاء غسل الجنابة عن بقيّة الأغسال فيما إذا أتى بالغسل بعنوان الجنابة وغيرها ممّا في ذمّته من الأغسال ، ولا يجزئ فيما إذا لم ينو غير الجنابة ، لأنّ معناها حينئذ أنّ غسلك للجنابة وللزيارة ولعرفة مجزئ عنها ، فلا مناص من قصد عناوين الأغسال حال الاغتسال ، وإلاّ لم يكن الغسل للزيارة أو للجنابة أو لغيرهما.

__________________

(١) تقدّمت في الصفحة ٤٦.

۴۹۱