يجب على المكلّف بذلك السبب من الحيض والنّفاس وغيرهما ، أي أنّها بصدد بيان ما يترتّب على تلك الأسباب ، لا بصدد بيان ما يترتّب على أسباب أُخر من النّوم والبول وغيرهما من أسباب الوضوء.

بل مقتضى إطلاق أدلّته وجوب الوضوء مع السبب الموجب للغسل أيضاً ، وذلك لأنّ قوله تعالى ﴿ ... إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ... (١) مطلق يشمل ما إذا وجد مع سبب الوضوء ما هو سبب للغسل أيضاً ، فإن من نام وأراد الصّلاة إلاّ أنّه مسّ الميت أيضاً مشمول للآية المباركة ، ومن هنا قلنا إنّ مقتضى القاعدة عدم إغناء الغسل عن الوضوء ، فإن إجزاء الغسل عن الوضوء يحتاج إلى دليل وإلاّ فإطلاق أدلّته يقتضي وجوبه مع الاغتسال أيضاً. فهذا الاستدلال إنّما يتمّ على الوهمين الأوّلين.

هل يجب تقديم الوضوء

ثمّ إنّه بناءً على القول بوجوب الوضوء مع الغسل أو بجوازه معه فهل لا بدّ من إتيانه قبل الغسل أو أنّ له أن يأتي به بعده وفي أثنائه إذا كان غسله تدريجيّاً أي ترتيبيّاً؟

مقتضى المرسلة الثّانية لابن أبي عمير (٢) وهي الّتي رواها عن حماد أو غيره جواز الإتيان بالوضوء قبل الغسل وبعده ، وأمّا مرسلته الاولى (٣) الّتي دلّت على أنّ كلّ غسل قبله وضوء إلاّ الجنابة فهي لا تكون مقيّدة لإطلاق المرسلة الثّانية ، لاحتمال كونهما رواية واحدة لأنّهما مرويتين عن ابن أبي عمير ، ولكن الصحيح أنّهما روايتان متعددتان ، ومجرّد وقوع ابن أبي عمير في أثناء السندين لا يجعلهما رواية واحدة ، فإن إحداهما يرويها ابن أبي عمير عن رجل ، والأُخرى يرويها عن حَمّاد أو غيره ، وكم فرق بينهما.

__________________

(١) المائدة ٥ : ٦.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٤٨ / أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ٢.

(٣) الوسائل ٢ : ٢٤٨ / أبواب الجنابة ب ٣٥ ح ١.

۴۹۱