أحدها : أن يقال إنّ سبب الغسل ناقض للوضوء أيضاً ، ومع تحقّق الناقض لا يبقى الوضوء بحاله ، فلو كان المكلّف على وضوء ثمّ مسّ ميتاً أو حاضت المرأة أو طرأ غيرهما من الأسباب فقد ارتفع الوضوء بنفسه ، فلا بدّ له من التوضّؤ لما يشترط فيه الوضوء.

ثانيهما : أنّ سبب الغسل وإن لم يكن من نواقض الوضوء إلاّ أنّ الوضوء أمر مقوّم للغسل ومن قيود الغسل ، فكما أنّ الغسل يعتبر فيه غسل الرأس والرقبة والجانبين ومع الإخلال بشي‌ء منها يبطل الغسل ، كذلك الحال بالنسبة إلى الوضوء ، لأنّه شرط في صحّة الغسل ومع عدم الإتيان بالوضوء يحكم ببطلان غسله أيضاً.

ثالثها : أن يقال إنّ سبب الغسل وإن لم يكن من نواقض الوضوء ولا إنّه من شروطه ومقوماته ، إلاّ أنّ الوضوء إذا وجب بسببه كالنوم والبول وغيرهما لا يغني عنه الغسل ، وحاصله أنّ الغسل في المحدث بالحدث الأصغر لا يغني عن الوضوء من دون أن يكون ناقضاً له أو شرطاً للغسل.

والاستدلال بسكوت الإمام عليه‌السلام في الرّوايات الواردة في الأغسال على كثرتها عن وجوب الوضوء معها يتمّ على الاحتمالين الأوّلين ، وذلك لأنّ سبب الغسل لو كان موجباً لانتقاض الوضوء أيضاً فلم لم يتعرّضوا له عند التعرّض لما يترتّب على السبب من الأُمور ، مضافاً إلى أنّ نواقض الوضوء محصورة ، وليس منها الأسباب الموجبة للاغتسال.

كما أنّ الوضوء لو كان شرطاً مقوّماً للغسل كبقيّة الأجزاء والشروط فلم سكتوا عن بيان الاشتراط في الأخبار الواردة في الأغسال على كثرتها ، فمن السّكوت في مقام البيان نستكشف عدم كون الأسباب من نواقض الوضوء وعدم كونه شرطاً مقوماً للغسل ، فالأغسال مغنية عن الوضوء.

وأمّا على الاحتمال الثّالث فلا يمكن استكشاف أنّ الأغسال مغنية عن الوضوء من سكوتهم عليهم‌السلام عن بيان ما يجب بتلك الأسباب من الوضوء أو غيره ، وذلك لأنّ الرّوايات الواردة في وجوب الأغسال بأسبابها على كثرتها إنّما هي بصدد بيان ما‌

۴۹۱