صديقه لم يضربه ، فإنّ الضرب قد تحقّق على الفرض سواء أكان المضروب صديقه أم عدوه ، وكذا إذا شرب المائع على تقدير أنّه ماء أو اقتدى بأحد على تقدير أنّه عمرو ، لأنّ الشرب والاقتداء قد تحقّق ، كان المشروب ماءً أو غيره وكان الإمام عمراً أم لم يكن.

وعليه ما معنى قصد المرأة العبادة على تقدير كونها طاهرة واقعاً ، فإنّ القصد أمر واقعي إمّا أن يكون موجوداً وإمّا أن لا يكون ، وأمّا قصدها معلّقاً على شي‌ء فهو ممّا لا معنى له ، بل الصحيح أنّها قاصدة للعبادة مطلقاً ، غاية الأمر أنّ قصدها وحركتها نشأت من احتمالها الأمر لا من الأمر الجزمي.

وأمّا ما ادعي من أنّ الإتيان بالعبادة بداعي احتمال الوجوب انقياد ، وهو حسن لا يطرأ عليه القبح والحرمة فنعم وإن كان الأمر كما أُفيد ، إلاّ أنّ الكلام في تحقّق الانقياد مع احتمال الحرمة الذاتيّة ، إذ يتعارض احتمال الوجوب مع احتمال الحرمة حينئذ ، فلا يمكنها التحرّك من أحدهما ، فهل ترى أنّه يمكن أن تأتي بشي‌ء من المحرمات بداعي احتمال الوجوب والانقياد.

فالإنصاف أنّ موضوع الحرمتين متغاير ، لأنّ موضوع الحرمة التشريعيّة هو الإتيان بالعبادة بقصد أمرها الجزمي ، وموضوع الحرمة الذاتيّة هو الإتيان بالعبادة الأعم من تحقّقها بقصد الأمر الجزمي وقصد الأمر الاحتمالي.

الجهة الثّالثة : فيما استدلّ به على الحرمة الذاتيّة.

المعروف بينهم عدم كون العبادة على الحائض محرمة ذاتاً ، وإنّما حرمتها تشريعيّة فقط ، وذهب جمع إلى أنّها محرمة بالذات واختاره المحقّق الهمداني (١) قدس‌سره وغيره واستدلّوا على ذلك بوجوه :

منها : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « دعي الصّلاة أيّام أقرائك » (٢). فإنّ ظاهر‌

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٢٨٤ السطر ٣١.

(٢) الوسائل ٢ : ٢٨٧ / أبواب الحيض ب ٧ ح ٢.

۴۹۱