الناسية بغير تلك السنن الثّلاث لزادت السنن واحدة وصارت أربعة ، وهو خلاف ما تدلّ عليه المرسلة ، وبما أنّ الناسية لا يمكن الحكم برجوعها إلى أيّامها كما في ذات العادة ، وهي اولى السنن لعدم تذكرها ونسيانها ، فلا مناص من كون الناسية كغير ذات العادة ترجع إلى التمييز بالصفات إن تمكّنت ، وإلاّ فترجع إلى العدد (١).

ولا يمكن المساعدة على ما أفاده قدس‌سره ، وذلك لأنّ السنن وإن كانت محصورة في الثّلاث إلاّ أنّ المرسلة إنّما تدلّ على أنّ السنن الواقعيّة منحصرة فيها وبحسب الواقع لا تجد سنة رابعة ، وغير ناظرة إلى الظاهر لتدلّ على أنّ الوظيفة الظاهريّة لا يمكن أن تكون شيئاً آخر ، والناسية داخلة في السنّة الأُولى حقيقة ، لأنّها ذات عادة فلا بدّ من أن ترجع إلى عادتها ، إلاّ أنّها لما نسيت عادتها لم تتمكن من الرّجوع إلى أيّامها ، وبما أنّها عالمة إجمالاً بأنّها حائض أو مستحاضة فالعلم الإجمالي يقتضي وجوب الاحتياط. وعلى تقدير عدم التمكن منه فالتخيير على النحو الّذي تقدّم ، ولا دلالة للمرسلة بوجه على أنّها إذا علمت إجمالاً بأنّها حائض أو مستحاضة ليس لها أن تحتاط.

فالمتحصل : أنّ الناسية غير داخلة في موضوع غير مستقرّة العادة ولا يشملها حكمها ، بل لا بدّ أن ترجع إلى استصحاب بقاء حيضها في الشهرين المتقدّمين في الأيّام المحتملة للحيضيّة حتّى يثبت به أنّ عدد أيّامها في الشهرين المتقدّمين ما هو كستّة أيّام مثلاً ، للقطع بعدم كونها أقلّ من أربعة ولا أزيد من ستّة ، وهي محتملة في اليوم الخامس والسّادس فتستصحبها ، فإذا تحقّقت عادتها في الشهرين في الستّة فتأخذ بها في الشهر الثّالث كما ذكرناه في ناسية العدد خاصّة.

كما أنّها مخيّرة في تطبيق هذه الأيّام على أوّل الدم أو وسطه أو آخره كما ذكرناه في ناسية الوقت خاصّة بناءً على أنّ العبادة محرمة على الحائض ذاتاً ، وذلك للتنزّل عن الموافقة القطعيّة إلى الموافقة الاحتماليّة بحكم العقل ، وإذا ظنّت بكون وقتها أوّل الأيّام الّتي ترى فيها الدم أو آخرها أو وسطها فتعمل على طبق ظنّها لتقدّم الامتثال الظنّي‌

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٣١٢ السطر ١.

۴۹۱