تخييراً بين الرّوايتين المتعارضتين كما توهّم ، لأنّه تخيير في المسألة الأُصوليّة وهو مختص بالمجتهد فيأخذ بأحد المتعارضين ويفتي على طبقه معيّناً لا على وجه التخيير.

وكبرى هذا الجمع وإن كانت من الجمع المقبول كما ذكر ، ومن هنا إذا ورد في دليل وجوب القصر على المكلّف في مورد وورد دليل آخر في وجوب التمام عليه ، فلأجل العلم بعدم وجوبهما معيّناً يقع المعارضة بينهما ونأخذ بنص كلّ منهما في الوجوب ونرفع اليد عن ظاهرهما في التعيّن فينتج التخيير بينهما.

إلاّ أنّها غير منطبقة على المقام ، لأنّ المرسلة صريحة في أنّ عدد المبتدئة ستّة أو سبعة ، وليست لها أن تتحيّض بأكثر منها ولا بأقل ، لأنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قضيّة حمنة بنت جحش أمرها بترك العبادة إلى ستّة أيّام أو سبعة أيّام ، فلو لم تكن حائضاً ستّة أيّام أو سبعة بل كان حيضها أقل منه لم يكن يأمرها النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بترك العبادة حينئذ ، لوضوح أنّ الطّاهرة لا يأمرها النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بترك عبادتها ، كما أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرها بالصلاة والاغتسال بعد الستّة أو السبعة ، فلو كان حيضها زائداً عليها كيف يأمرها صلى‌الله‌عليه‌وآله بالاغتسال والصّلاة.

وقد صرّح الإمام عليه‌السلام بذلك في المرسلة حيث قال « ألا ترى أنّ أيّامها لو كانت أقلّ من سبع وكانت خمساً أو أقل من ذلك ما قال لها : تحيّضي سبعاً فيكون قد أمرها بترك الصّلاة أيّاماً وهي مستحاضة غير حائض ، وكذلك لو كان حيضها أكثر من سبع وكانت أيّامها عشراً أو أكثر لم يأمرها بالصلاة وهي حائض » (١).

وعليه فالروايتان متعارضتان. هذا.

تعارض المرسلة في نفسها :

وقد يقال إنّ المرسلة في مدلولها متعارضة ، لأنّها وإن دلّت بصدرها على أنّ المبتدئة تتحيّض بستّة أو سبعة إلاّ أنّها اقتصرت على ذكر السبعة في بقيّة الجملات‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٢٨٨ / أبواب الحيض ب ٨ ح ٣.

۴۹۱