استصحاب نجاسته ، لأنّ من الآثار الشرعيّة المترتبة على طهارة الماء طهارة المتنجس المغسول به ، فهي رافعة لموضوع استصحاب النجاسة الجاري في الثوب ، وأدلّة الاستصحاب لا تتكفّل بإثبات وجود موضوعه في الثوب ، وهذا بخلاف ما لو عكسنا الأمر وأجرينا الاستصحاب المسببي ، لأنّ نجاسة الثوب وبقاءها ممّا لا يترتّب عليه نجاسة الماء شرعاً إلاّ بالملازمة العقليّة ، لأنّه لو كان طاهراً لطهر الثوب فيه.

والأمر في المقام كذلك ، وذلك لأنّ من آثار حيضيّة الدم الأوّل شرعاً أنّ الدم الثّاني الّذي تراه المرأة بعدها إن كان قبل العشرة فهو من الحيضة السابقة ، وإن كان بعد العشرة فالزائد على العادة استحاضة ، وإن كان بعد العشرة وبعد تخلّل أقلّ الطّهر بينهما فهو من الحيضة المستقبلة.

وعلى الجملة إنّ من آثار حيضيّة الدم الأوّل أن لا يحكم بحيضيّة الدم الثّاني فيما إذا لم يتخلّل بينهما أقلّ الطّهر ولم يمكن إلحاقه بالدم الأوّل لاستلزامه زيادة الحيض عن العشرة.

وهذا بخلاف حيضيّة الدم الثّاني ، حيث لم يترتب عليها عدم حيضيّة الدم الأوّل شرعاً في شي‌ء من الرّوايات إلاّ من جهة الملازمة العقليّة ، نظراً إلى أنّه لو كان حيضاً لزم عدم تخلّل أقلّ الطّهر بينهما أو كون الحيضة زائدة على العشرة.

إذن الحكم بحيضيّة الدم الأوّل يرفع الشكّ في حيضيّة الدم الثّاني شرعاً ، ولا عكس ، ومعه لا معارضة بينهما ليتوهم التساقط ، كما لا وجه للتخيير إذ لم يدل دليل على أنّ اختيار الحيض بيد المرأة ، بل اللازم تعين الدم الأوّل في كونه حيضاً دون الأخير ، لأنّ الشكّ فيهما من الشكّ السبي والمسببي ، وقد عرفت عدم التعارض بينهما.

ولعلّه إلى ذلك نظر صاحب الجواهر قدس‌سره فيما نسب إليه من الحكم بحيضيّة الدم الأوّل حتّى فيما إذا كان الدم الثّاني في العادة أو متّصفاً بأوصاف الحيض دون الدم الأوّل (١) ، كما هو أي الأخير صريح بعض آخر.

__________________

(١) نسبه إليه في المستمسك ٣ : ٢٤٥ / كتاب الحيض ، وراجع الجواهر ٣ : ١٨٧ / كتاب الحيض.

۴۹۱