الشرع والعرف. هذا كلّه في هذه المرحلة ، ثمّ إنّه إذا لم يتم التمسّك بالعموم والإطلاق تصل النوبة إلى المرحلة الثالثة أعني مقتضى الأصل العملي.

أمّا المرحلة الثّالثة : فحاصل الكلام فيها أنّ المرأة لمّا كانت عالمة بتوجّه أحكام إلزاميّة إليها لأنّها إن كانت حائضاً يحرم عليها دخول المسجد وتمكين زوجها من نفسها ولا تجب عليها الصّلاة ، وإن كانت غير حائض وجبت عليها الصّلاة من دون اغتسال إذا قلنا بالواسطة بين الحيض والاستحاضة ، أو مع الاغتسال إذا أنكرنا الواسطة بينهما فمقتضى العلم الإجمالي وقاعدة الاشتغال الاحتياط بالجمع بين أحكام الطّاهرة أو المستحاضة وأحكام الحائض أي تروكها ، هذا.

ولكن شيخنا الأنصاري (١) قدس‌سره أجرى استصحاب عدم الحيض حينئذ وبه حكم بعدم كونها حائضاً ، فتجب عليها الصّلاة وغيرها من الوظائف المقررة لغير الحائضات ، وقال إنّ هذا الأصل لا يعارض باستصحاب عدم الاستحاضة ، وذلك لأنّا إن قلنا بالواسطة بين الحيض والاستحاضة فلا تنافي بين الأصلين ، فيحكم بعدم كونها حائضاً ولا مستحاضة ، وأمّا إذا أنكرنا الواسطة بينهما فلا مجرى لاستصحاب عدم الاستحاضة ، لأنّه لا يثبت كونها حائضاً ، وهذا الاستصحاب يوجب انحلال العلم الإجمالي لا محالة.

ويدفعه : أنّ المراد بالاستصحاب إن كان هو الأصل الموضوعي أعني استصحاب عدم كون الدم حيضاً فقد بيّنا وبيّنه هو قدس‌سره في محله أنّ الشبهات المفهوميّة ممّا لا مجرى فيه للأصل الموضوعي ، لعدم الشك في شي‌ء غير التسمية ، حيث إنّ خروج الدم ثلاثة أيّام أمر قطعي لا شكّ فيه ، وعدم كونها متوالية أيضاً كذلك ، ومعه يجري الاستصحاب في أيّ شي‌ء ، إذ الشكّ إنّما هو في التسمية وأنّ مثل هذا الدم يسمّى حيضاً أو لا يسمّى كذلك ، وأي أصل يحرز به ذلك.

وإن أُريد به الأصل الحكمي فإن أُريد استصحاب الحكم في مرحلة الفعليّة‌

__________________

(١) كتاب الطّهارة : ١٨٩ السطر ٢٨ / المقصد الثّاني في الحيض.

۴۹۱