وذلك لأنّ العمومات الدالّة على وجوب الصّلاة في حقّها بالدلالة المطابقيّة تدل بالدلالة الالتزاميّة على وجوب اغتسالها وكونها مستحاضة ، لأنّه لازم عدم كونها حائضاً ، حيث بنينا على أنّ كلّ دم لم يكن بحيض فهو استحاضة ، وبما أنّ المرأة تجب عليها الصّلاة ويعامل معها معاملة غير الحائض فلا بدّ أن يحكم عليها بالاستحاضة هذا.

وقد يتوهّم أنّ الحيض ليس من المفاهيم الاختراعيّة الشرعيّة ، وإنّما هو مفهوم عرفي كان متحقّقاً ودارجاً عند العرف قبل الشرع والشّريعة المقدّسة ، نظير مفهوم البيع وغيره من الأُمور العرفيّة ، ولا بدّ في مثله من الرّجوع إلى العرف عند الشكّ في اعتبار قيد في مفهومه وعدمه ، إلاّ أن يقوم دليل شرعي على اعتباره ، كاعتبار عدم الغرر في البيع واعتبار ثلاثة أيّام في الحيض ، وأمّا إذا لم يدل دليل على الاعتبار وشككنا في اعتباره فيه فلا مناص من الرّجوع فيه إلى العرف ، ولا شبهة في أنّ الدم ثلاثة أيّام غير متوالية حيض لدى العرف ، ولا يعتبر في مفهومه عندهم التوالي والاستمرار.

ويندفع بأنّ الحيض وإن كان له مفهوم عند العرف ، إلاّ أنّه بمفهومه العرفي ليس بموضوع للأحكام المترتبة عليه ، وإلاّ للزم التسوية بين الحيض والاستحاضة لأنّ مادتهما مشتركة ، والاستحاضة هو الحيض الكثير ، لأنّه لغة بمعنى الدم الكثير ، مع أنّها بمفهومها الجامع بين الحيض والاستحاضة المصطلح عليهما غير مرادة فيما ترتب عليها من الأحكام ، بل الموضوع للأحكام المترتبة عليه هو الدم العبيط الخارج من عرق مخصوص مع سائر المزايا المعتبرة فيه شرعاً.

وبعبارة اخرى الموضوع لتلك الأحكام معنى اصطلاحي خاص ، وحيث إنّا نشك في سعته وضيقه فلا مناص من الاقتصار في تخصيص العمومات والمطلقات على المقدار المتيقّن منه ونرجع في المقدار الزائد المشكوك فيه إلى العموم والإطلاق ، وليس الحيض كالبيع وغيره من المفاهيم المتحد فيها المستعمل فيه والموضوع له في لسان‌

۴۹۱