والمجبِّرة (١)


لا كالأشياء (١) فهو قديم غير محتاج ، ومثل هذا الاعتقاد لا يستتبع الكفر والنجاسة وأمّا استلزامه الكفر من أجل أنه إنكار للضروري حيث إنّ عدم تجسّمه من الضروري فهو يبتني على الخلاف المتقدم من أن إنكار الضروري هل يستلزم الكفر مطلقاً أو أنه إنما يوجب الكفر فيما إذا كان المنكر عالماً بالحال ، بحيث كان إنكاره مستلزماً لتكذيب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

هذا ، والعجب من صدر المتألهين حيث ذهب إلى هذا القول في شرحه على الكافي وقال ما ملخّصه : إنّه لا مانع من التزام أنه سبحانه جسم إلهي ، فانّ للجسم أقساماً فمنها : جسم مادي وهو كالأجسام الخارجية المشتملة على المادّة لا محالة. ومنها : جسم مثالي وهو الصورة الحاصلة للإنسان من الأجسام الخارجية وهي جسم لا مادّة لها. ومنها : جسم عقلي وهو الكلِّي المتحقق في الذهن وهو أيضاً مما لا مادّة له بل وعدم اشتماله عليها أظهر من سابقه. ومنها : جسم إلهي وهو فوق الأجسام بأقسامها وعدم حاجته إلى المادّة أظهر من عدم الحاجة إليها في الجسم العقلي ، ومنها : غير ذلك من الأقسام ، ولقد صرّح بأن المقسم لهذه الأقسام الأربعة هو الجسم الذي له أبعاد ثلاثة من العمق والطول والعرض (٢). وليت شعري أن ما فيه هذه الأبعاد وكان عمقه غير طوله وهما غير عرضه كيف لا يشتمل على مادة ولا يكون متركباً حتى يكون هو الواجب سبحانه. نعم ، عرفت أن الالتزام بهذه العقيدة الباطلة غير مستتبع لشي‌ء من الكفر والنجاسة ، كيف وأكثر المسلمين لقصور باعهم يعتقدون أنّ الله سبحانه جسم جالس على عرشه ومن ثمة يتوجهون نحوه توجه جسم إلى جسم مثله لا على نحو التوجه القلبي.

(١) القائلون بالجبر إن التزموا بتوالي عقيدتهم من إبطال التكاليف والثواب‌

__________________

(١) ورد مضمونه في الكافي ١ : ٨١ ذيل الحديث ٥.

(٢) شرح أُصول الكافي : ٢٧٣.

۴۶۳