[٢٩٩] مسألة ٣ : إذا علم كون الدم أقل من الدرهم ، وشك في أنه من المستثنيات أم لا ، يبنى على العفو (١). وأمّا إذا شك في أنه بقدر‌


صحة الصلاة حينئذ ، إذ لا تشمله أدلة العفو لأنها كما مر إنما تدل على العفو عما دون الدرهم من الدم. وأما النجاسة الأُخرى غيره فلا دلالة لها على العفو عنها أبداً. ودعوى أن نجاسة الرطوبة ناشئة من الدم والفرع لا يزيد على أصله ، مندفعة بأن الأحكام الشرعية تعبدية ولا سبيل فيها للرجوع إلى القواعد الاستحسانية بوجه ، ومن المحتمل أن تكون للمتنجس بالدم خصوصية تقتضي بطلان الصلاة فيه فكيف يمكن معه مقايسته بالدم.

(١) لا يبتني حكمه بالعفو في المسألة على جواز التمسك بعموم ما دلّ على العفو عما دون الدرهم من الدم ، نظراً إلى أنه عام وقد خرج عنه دم الحيض وغيره من المستثنيات فاذا شككنا في مورد أنه من الأفراد الخارجة أو مما بقي تحت العموم فنرجع إلى العام ، بل يمكن الحكم بالعفو على القول بعدم الجواز أيضاً كما هو الصحيح وذلك لما هو الأظهر من جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية ، لأن الدم قبل أن يتحقق في الخارج كنّا عالمين من عدمه ومن عدم اتصافه بالحيض ، فاذا علمنا تبدله بالوجود وشككنا في أن اتصافه أيضاً وجد معه أم لم يوجد فنبني على عدم تحققه بالاستصحاب ، لأن الاتصاف أمر حادث مسبوق بالعدم والأصل بقاؤه بحاله ، فهو دم أقل من مقدار الدرهم بالوجدان وليس بدم الحيض مثلاً بالاستصحاب ، فبه يحرز دخوله تحت العموم ومقتضاه العفو عن كل دم أقل من مقدار الدرهم ، هذا.

ثم لو بنينا على عدم جريان الأصل في الأعدام الأزلية فقد يقال والقائل هو المحقق الهمداني قدس‌سره باستصحاب جواز الصلاة في الثوب لأنّ الصلاة فيه قبل أن يطرأ عليه الدم المردد بين كونه مما عفي عنه وما لم يعف عنه كانت جائزة يقيناً والأصل أن الثوب كما كان عليه (١).

__________________

(١) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٥٩٦ السطر ١٥.

۴۶۳