وأمّا المجسِّمة (١)


دولة بني أُميّة إنما كانت من جهة عدم علمهم بنجاسة الناصب في ذلك الزمان (١) وتوضيحه :

أنّ النواصب إنما كثروا من عهد معاوية إلى عصر العباسيين لأنّ الناس مجبولون على دين ملوكهم والمرءوس يتقرّب إلى رئيسه بما يحبّه الرئيس ، وكان معاوية يسب أمير المؤمنين عليه‌السلام علناً ويعلن عداوته له جهراً ولأجله كثر النواصب في زمانه إلى عصر العباسيين. ولا يبعد أنهم عليهم‌السلام لم يبيّنوا نجاسة الناصب في ذلك العصر مراعاة لعدم تضيق الأمر على شيعتهم ، فانّ نجاسة الناصب كانت توقعهم في حرج شديد لكثرة مساورتهم ومخالطتهم معه أو من جهة مراعاة الخوف والتقية فإنهم كانوا جماعة كثيرين ، ومن هنا أخّروا بيانها إلى عصر العباسيين حيث إنهم كانوا يوالون الأئمة عليهم‌السلام ظاهراً ولا سيما المأمون ولم ينصب العداوة لأهل البيت إلاّ قليل. وما ذكرناه هو السر في عدم اجتناب أصحابهم عن الناصب ، وأمّا الأئمة بأنفسهم فلم يظهر عدم تجنبهم عنهم بوجه ، ومعه لا مسوغ لرد ما ورد من الرواية في نجاستهم بمجرّد استبعاد كفره وأنّ الناصب لو كان نجساً لبيّنها الأئمة عليهم‌السلام لأصحابهم وخواصهم.

(١) وهم على طائفتين : فإنّ منهم من يدعي أن الله سبحانه جسم حقيقة كغيره من الأجسام وله يد ورجل إلاّ أنه خالق لغيره وموجد لسائر الأجسام ، فالقائل بهذا القول إن التزم بلازمه من الحدوث والحاجة إلى الحيّز والمكان ونفي القدمة ، فلا إشكال في الحكم بكفره ونجاسته لأنه إنكار لوجوده سبحانه حقيقة. وأما إذا لم يلتزم بذلك بل اعتقد بقدمه تعالى وأنكر الحاجة فلا دليل على كفره ونجاسته وإن كان اعتقاده هذا باطلاً ومما لا أساس له.

ومنهم من يدّعي أنه تعالى جسم ولكن لا كسائر الأجسام كما ورد أنه شي‌ء‌

__________________

(١) كتاب الطهارة : ٣٥١ ، باب النجاسات ( حكم المخالف ) السطر ٢٢.

۴۶۳