قليلاً كان الدم أو كثيراً (١)


وكيف كان فلا مناقشة في شمولها لمطلق الدماء إلاّ أنها مختصة بدم الحيوان ، لأنه الذي يتلوث به منقار الطيور ولا تشمل الدم النازل من السماء آية كما في زمان موسى عليه‌السلام أو الموجود تحت الأحجار عند قتل سيد الشهداء عليه‌السلام. هذا على أن للمناقشة الصغروية في مثله مجالاً واسعاً ، لاحتمال أن يكون الدم إسماً لخصوص المائع الأحمر المتكوّن في خصوص الحيوان دون ما خرج من الشجر أو نزل من السماء ونحوهما ، فإطلاق الدم على مثلهما إطلاق مسامحي للمشابهة في اللون.

(١) لأنّ مقتضى الوجهين المتقدمين هو الحكم بنجاسة كل ما صدق عليه أنه دم ، وخالف في ذلك الشيخ (١) وجماعة وذهبوا إلى عدم نجاسة الدم القليل الذي لا يدركه الطرف ، نظراً إلى صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام قال : « سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعاً صغاراً فأصاب إناءه هل يصلح له الوضوء منه؟ فقال : إن لم يكن شيئاً يستبين في الماء فلا بأس وإن كان شيئاً بيناً فلا تتوضأ منه ... » (٢).

ويندفع بأن الصحيحة لا دلالة لها على طهارة ما لا يدركه الطرف من الدم ، لعدم فرض إصابة الدم لماء الإناء وإنما فرض فيها إصابته للإناء ، ومن هنا حكم عليه‌السلام بعدم البأس بالماء وقد قدّمنا تفصيل الجواب عن هذه الصحيحة في بحث انفعال الماء القليل ، فراجع (٣).

ثم إن في المقام خلافاً ثانياً وهو عدم نجاسة ما دون الحمصة من الدم ذهب إليه الصدوق (٤) قدس‌سره ولعلّه استند في ذلك إلى رواية الفقه الرضوي : « وإن كان الدم حمصة فلا بأس بأن لا تغسله إلاّ أن يكون الدم دم الحيض فاغسل ثوبك منه‌

__________________

(١) الاستبصار ١ : ٢٣ ذيل الحديث ٥٧.

(٢) الوسائل ١ : ١٥٠ / أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ١.

(٣) شرح العروة ٢ : ١٤٤.

(٤) الفقيه ١ : ٤٢ / ١٦٥.

۴۶۳