هنيئة ثم قال : لا تأكله ، ولا تتركه تقول إنّه حرام ولكن تتركه تتنزه عنه ، إن في آنيتهم الخمر ، ولحم الخنزير » (١) ودلالتها على طهارة أهل الكتاب وكراهة مؤاكلتهم ظاهرة.

ومنها : ما رواه عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو إناء غيره إذا شرب منه على أنه يهودي؟ فقال : نعم فقلت : من ذلك الماء الذي يشرب منه؟ قال : نعم » (٢) ودلالتها على المدعى واضحة ، إذ لولا طهارتهم لتنجس ماء الكوز والإناء بشربهم ولم يجز منه الوضوء.

ومنها : صحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال « قلت للرضا عليه‌السلام : الخياط أو القصّار يكون يهودياً أو نصرانياً وأنت تعلم أنه يبول ولا يتوضأ ما تقول في عمله؟ قال : لا بأس » (٣) وهذه الرواية وإن أمكن حملها بالإضافة إلى الخياط على صورة عدم العلم بملاقاة يده الثوب رطباً إلاّ أنّها بالإضافة إلى القصّار مما لا يجري فيه هذا الاحتمال لأنه يغسل الثوب بيده ، وحيث إنه عليه‌السلام نفى البأس عن عمله فتستفاد منه طهارة أهل الكتاب وعدم تنجس الثوب بملاقاتهم رطباً.

ومنها : صحيحته الثانية « قلت للرضا عليه‌السلام : الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة ، قال : لا بأس ، تغسل يديها » (٤) وهي كالصريح في المدعى ، وذلك لأن السؤال في تلك الرواية يحتمل أن يكون قضية خارجية بأن كانت عنده عليه‌السلام جارية نصرانية تخدمه وقد سأله الراوي عن حكم استخدامها ، وعليه فيكون قوله عليه‌السلام : « لا بأس تغسل يديها » جملة خبرية ، ومعناها عدم البأس بخدمتها لطهارة يديها وارتفاع نجاستها العرضية بالغسل. ولكن يبعّد هذا الاحتمال أن السائل من كبراء الرواة ولا يكاد يحتمل في حقه أن يسأله عليه‌السلام عن فعله ، فان اعتبار فعل الإمام كاعتبار قوله‌

__________________

(١) الوسائل ٢٤ : ٢١٠ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥٤ ح ٤.

(٢) الوسائل ١ : ٢٢٩ / أبواب الأسآر ب ٣ ح ٣.

(٣) التهذيب ٦ : ٣٨٥ ح ١١٤٢ وعنه في الوافي ٦ : ٢٠٩ ح ٢٥.

(٤) الوسائل ٣ : ٤٢٢ / أبواب النجاسات ب ١٤ ح ١١.

۴۶۳