مما لا يخفى على مثله ، فهل يحتمل في حقّه أن يسأله عليه‌السلام عن حكم استخدام الجارية النصرانية بعد قوله : يجوز استخدام الجارية النصرانية ، فكذلك الحال بعد فعله عليه‌السلام.

ويحتمل أن يكون السؤال فيها على نحو القضية الحقيقية كما هو الأظهر ، لأنّ السؤال يقع على أنحاء مختلفة فتارة يسأل عن الغائب بقوله : الرجل يفعل كذا ، وأُخرى يفرض السائل نفسه مبتلى بالواقعة من غير أن يكون مبتلى بها حقيقة كقوله : إنِّي أُصلِّي وأشك في كذا وكذا ، وثالثة : يفرض المسئول عنه مبتلى بالواقعة كقوله : إذا صلّيت وشككت في كذا ، كل ذلك على سبيل الفرض والتقدير وعليه فقوله عليه‌السلام « تغسل يديها » جملة إنشائية وتدل على وجوب غسل اليد على الجارية ، وعلى كلا التقديرين الرواية تدل على طهارة أهل الكتاب وأنه لا مانع من استخدامهم إلاّ نجاستهم العرضية المرتفعة بالغسل.

ومنها : ما ورد في ذيل صحيحة على بن جعفر المتقدِّمة (١) حينما سأل أخاه عليه‌السلام عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء من قوله : « لا إلاّ أن يضطر إليه » فإن حمل الاضطرار في الرواية على التقيّة كما عن الشيخ (٢) قدس‌سره بعيد ، وقد قدّمنا أنه بمعنى عدم وجدان ماء غيره ، وبذلك تكون الرواية ظاهرة في طهارة اليهود والنصارى وعدم نجاسة الماء بملاقاتهما وإلاّ لم يفرق الحال بين صورتي وجدان ماء آخر وعدمه. ومنها غير ذلك من الأخبار التي يستفاد منها طهارة أهل الكتاب ، وهي كما عرفت تامة سنداً وصريحة دلالة وبعد ذلك لا بد من ملاحظة المعارضة بينها وبين الأخبار الواردة في نجاستهم فنقول :

مقتضى الجمع العرفي بين الطائفتين حمل أخبار النجاسة على الكراهة ، لأنّ الطائفة الثانية صريحة أو كالصريحة في طهارتهم والطائفة الاولى ظاهرة في نجاسة أهل الكتاب ، لأنّ العمدة في تلك الطائفة موثقة سعيد الأعرج أو حسنته المشتملة على‌

__________________

(١) في ص ٤٣.

(٢) نقل عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٤٩ ، باب النجاسات باب نجاسة الكافر السطر ٢.

۴۶۳