في رواية معتبرة لم يمكننا إسراء حكم الحيض إليه ، لأنّ المانعية على تقدير القول بها إنما ثبتت على الحيض غير المحتبس ، والمحتبس موضوع آخر يحتاج إسراء الحكم إليه إلى دلالة الدليل ولا دليل عليه. وأما بالإضافة إلى دم الاستحاضة فلأنه ودم الحيض وإن كانا مشتركين في بعض أحكامهما إلاّ أنهما دمان وموضوعان متغايران يخرجان من عرقين ومكانين مختلفين كما في الخبر (١) فلا وجه لاشتراكهما من جميع الجهات والأحكام ، ومن هنا ذكر صاحب الحدائق قدس‌سره أن استثناء دمي الاستحاضة والنفاس إلحاقاً لهما بدم الحيض للوجهين المتقدمين أو غيرهما مما ذكروه في وجهه لا يخرج عن القياس (٢).

وأما بالإضافة إلى دم الحيض فلأن الرواية وإن كانت دلالتها غير قابلة للإنكار إلاّ أن سندها مورد للمناقشة من جهتين : إحداهما : أن الرواية مقطوعة وغير مسندة إلى الإمام عليه‌السلام وإنما هو كلام من أبي بصير حيث قال : « لا تعاد .. » وقد أُجيب عن ذلك بأن ذكرها في الكتب المعتبرة أعني التهذيب والكافي يأبى عن ذلك ، لبعد أن ينقل الشيخ أو الكليني قدس‌سرهما كلام غيره عليه‌السلام. ويدفعه : أن غاية ما يستفاد من نقلهما أن الرواية صادرة عنهم عليهم‌السلام حسب اعتقادهما ، وأما أن الأمر كذلك في الواقع فلا. والصحيح في الجواب عن هذه المناقشة أن يقال : إنها وإن رويت مقطوعة وغير مسندة إليه عليه‌السلام في بعض نسخ التهذيب (٣) إلاّ أنها مرويّة في الكافي (٤) وفي بعض النسخ الأُخر من التهذيب (٥) مسندة إلى أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ومن هنا نقلها في الوسائل كذلك (٦) فليراجع.

وثانيتهما : أن في سند الرواية أبا سعيد المكاري ولم يرد توثيق في حقه ، بل له‌

__________________

(١) لاحظ الوسائل ٢ : ٢٧٥ أبواب الحيض ب ٣ ح ١.

(٢) الحدائق ٥ : ٣٢٨.

(٣) التهذيب ١ : ٢٥٧ / ٧٤٥.

(٤) الكافي ٣ : ٤٠٥ / ٣.

(٥) التهذيب ١ : ٢٥٧ / ٧٤٥.

(٦) الوسائل ٣ : ٤٣٢ / أبواب النجاسات ب ٢١ ح ١.

۴۶۳