فقال : دعه فلا يضرّك أن لا تغسله » (١) بدعوى دلالتها على اعتبار السيلان في العفو. وفيه : أن سيلان الدم إنما ورد في كلام السائل ولم يؤخذ في موضوع الحكم في كلامه عليه‌السلام.

ومنها : صحيحة محمد بن مسلم المروية في السرائر عن كتاب البزنطي قال « قال : إنّ صاحب القرحة التي لا يستطيع صاحبها ربطها ولا حبس دمها يصلي ولا يغسل ثوبه في اليوم أكثر من مرّة » (٢) فإنّ عدم التمكّن من حبس الدم لا يكون إلاّ باستمرار سيلانه ، ولا يضرّها الإضمار لأنّ محمد بن مسلم لا يروي عن غيرهم عليهم‌السلام.

والجواب عنها : أن عدم التمكّن من حبس الدم يصدق على من به جرح يدمي في كل أربع ساعات مثلاً وهو لا يتمكن من حبسه ، وأين هذا من اعتبار استمرار السيلان كما في الحائض ، فلا دلالة للرواية على المدعى. وأما دلالتها على وجوب الغسل مرّة في كل يوم فيأتي عليه الكلام بعيد ذلك.

فالنتيجة : أن دم القروح والجروح يمتاز عن بقية النجاسات بالعفو عنه في الصلاة سال أم لم يسل ، وكانت في إزالته أو في تبديل الثوب المتنجس به مشقة أم لم تكن كثيراً كان أم قليلاً.

ثم إنّ مقتضى صحيحة محمد بن مسلم المروية عن المستطرفات ومضمرة سماعة المتقدِّمتين أن الجريح والقريح يغسلان ثوبهما مرّة في كل يوم ، ولم يلتزم بذلك الأصحاب. نعم مال إليه في الحدائق معترفاً بعدم ذهابهم إليه (٣). والحق معهم وذلك لا لأنّ إعراضهم عن الرواية يسقطها عن الاعتبار ، لما مرّ غير مرّة من أنّ إعراضهم عن رواية لا يكون كاسراً لاعتبارها ، بل من جهة أنّ المسألة كثيرة الابتلاء وقلّ موضع لم يكن هناك مبتلى بالقروح والجروح ، والحكم في مثلها لو كان لذاع واشتهر‌

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٣٥ أبواب النجاسات ب ٢٢ ح ٦.

(٢) السرائر ٣ : ٥٥٨.

(٣) الحدائق ٥ : ٣٠٤.

۴۶۳