وبين المسجد زقاق قذر ، فدخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : أين نزلتم؟ فقلت : نزلنا في دار فلان ، فقال : إن بينكم وبين المسجد زقاقاً قذراً ، أو قلنا له : إن بيننا وبين المسجد زقاقاً قذراً ، فقال : لا بأس إنّ الأرض تطهِّر بعضها بعضاً ... » (١) وبما رواه صاحب السرائر عن نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر عن المفضل بن عمر عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال « قلت له : إن طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه فربما مررت فيه وليس عليَّ حذاء فيلصق برجلي من نداوته؟ فقال : أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة؟ قلت : بلى ، قال : فلا بأس إنّ الأرض تطهِّر بعضها بعضاً ... » (٢) حيث دلتا على أن تنجس الرجل بملاصقة الزقاق القذر أو المتنجس بنداوة البول يمنع عن الدخول في المساجد لئلاّ يتنجّس بملاقاتها ، إلاّ أن يمشي بعد ذلك في أرض يابسة لأنّ الأرض تطهِّر بعضها بعضاً.

ويدفعه : أن ذيل الرواية الثانية أعني قوله « قلت : فأطأ على الروث الرطب ، قال : لا بأس أنا والله ربما وطئت عليه ثم أُصلي ولا أغسله » لقرينة واضحة على أن ما لصق برجله من النجاسات في الطريق إنما كان يمنع من ناحية الصلاة فحسب لاستلزامه نجاسة البدن لا من ناحية دخول المساجد كما لعله ظاهر.

وأُخرى يستدل عليه بقوله تعالى ﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٣) أي المصلِّين ، حيث إنّ التطهير بمعنى إزالة النجاسة كما أنّ الأمر للوجوب ، ولا فرق بين البيت وسائر المساجد لعدم القول بالفصل. ويندفع بأنّ الأمر بالإزالة متوجِّه إلى إبراهيم الخليل ولم يثبت أن الطهارة كانت في زمانه بمعنى الطهارة المصطلح عليها في زماننا ، بل الظاهر أنها بمعناها اللغوي أعني النظافة من القذارات فالآية لو دلّت فإنما تدل على وجوب تنظيف المساجد لا على وجوب إزالة النجاسة عنها.

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٥٨ / أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٤.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٥٩ / أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٩ ، السرائر ٣ : ٥٥٥.

(٣) الحج ٢٢ : ٢٦.

۴۶۳