وقفت فيما سبق (١) على أن غسالة الغسلة المتعقبة بطهارة المحل طاهرة سواء خرجت عن محلها وانفصلت أم لم تنفصل ، فإنه لولا ذلك لم يمكننا تطهير الأراضي الرخوة لعدم انفصال غسالتها أبداً ، وعليه فاذا صبّ الماء على الجص المتنجس أو جعل الجص على الماء فلا محالة يحكم بطهارته وإن لم تخرج غسالته ، وبهذا يصح أن يقال : إنّ الماء والنار قد طهّراه ، كما يصح أن يسجد عليه ولا يمنع ذلك طبخه لأنّ الجص من الأرض ولا تخرج الأرض عن كونها أرضاً بطبخها ، كما أنّ اللّحم في الكباب لا يخرج عن كونه لحماً بطبخه ، فلو كان أكل اللحم محرّماً حرم أكل مطبوخه أيضاً ، فلا مانع من السجود على الأرض المطبوخة كالجص والكوز والآجر وإن منع عنه الماتن قدس‌سره في محلِّه (٢) إلاّ أنّا كتبنا في تعليقتنا : أن الأظهر جواز السجود على النورة والجص المطبوخين أيضاً لعدم خروج الجص بالطبخ عن كونه أرضاً وكذا غيره من الأجزاء الأرضية. ودليلنا على ذلك هذه الصحيحة كما يأتي في محلِّه.

هذا كلّه في اعتبار الطهارة في مسجد الجبهة. وأما اشتراطها في مواضع المساجد السبعة بأجمعها فقد حكي القول بذلك عن أبي الصلاح الحلبي كما مرّ (٣) ولم يظهر لنا وجهه ، ولعلّه اعتمد في ذلك على النبوي : « جنِّبوا مساجدكم النجاسة » (٤) فان المساجد جمع محلى باللاّم يعم المساجد السبعة بأجمعها. ويرد على الاستدلال به وجوه : الأوّل : أن الحديث نبوي ضعيف السند ولم يعمل المشهور على طبقه حتى يتوهّم انجباره. الثاني : أن المراد بالمساجد لم يظهر أنه المساجد السبعة في الصلاة فإنّ من المحتمل أن يراد بها بيوت الله المعدّة للعبادة ، ويقرِّب هذا الاحتمال بل يدل عليه أنّ هذا التعبير بعينه ورد في غيره من الأخبار وقد أُريد منها بيوت الله سبحانه كقوله عليه‌السلام « جنّبوا مساجدكم البيع والشراء والمجانين والصبيان .. » (٥) ومن الظاهر‌

__________________

(١) بعد المسألة [١٣٣] ( فصل في الماء المستعمل ).

(٢) في المسألة [١٣٤٩].

(٣) في ص ٢٤١.

(٤) الوسائل ٥ : ٢٢٩ / أبواب أحكام المساجد ب ٢٤ ح ٢.

(٥) الوسائل ٥ : ٢٣٣ / أبواب أحكام المساجد ب ٢٧ ح ١.

۴۶۳