بل الأقوى (*) حرمته بمجرد النشيش (١) وإن لم يصل إلى حد الغليان‌


(١) النشيش كما قيل هو الصوت الحادث في الماء أو في غيره قبل أخذه بالغليان وهو في بعض الأواني أوضح وأشد من بعضها الآخر وفي السماور أظهر. وهل يكفي ذلك في الحكم بحرمة العصير وكذا في نجاسته على تقدير القول بها أو أن موضوعيهما الغليان؟

ذهب الماتن إلى الأول وتبعه عليه غيره ، ولعله اعتمد في ذلك على موثقة ذريح « سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إذا نش العصير أو غلى حرم » (٢) حيث عطف الغليان فيها على النشيش وظاهر العطف هو التغاير والاثنينية. هذا ولكنها معارضة بحسنة حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا يحرم العصير حتى يغلي » (٣) وغيرها من الأخبار الواردة في عدم حرمة العصير قبل أن يغلي ، فإنها ظاهرة في عدم العبرة بالنشيش الحاصل قبل الغليان غالباً ، ومع المعارضة كيف يمكن الاعتماد على موثقة ذريح. على أن لازمها أن يكون اعتبار الغليان وعطفه على النشيش لغواً ظاهراً ، لأنه مسبوق بالنشيش دائماً ، فلا مناص معه من حمل النشيش في الموثقة على معنى آخر كنشيشه بنفسه أو حمل الغليان فيها على موارد يتحقق فيها الغليان من دون أن يسبقه النشيش ، كما إذا وضع مقدار قليل من العصير على نار حادة كثيرة فإنها تولد الغليان فيه دفعة ، ولا سيما إذا كانت حرارة الإناء المصبوب فيه العصير بالغة درجة حرارة النار ، فان العصير حينئذ يغلي من وقته من غير سبقه بالنشيش.

وكيف ما كان ، فالاستدلال بالموثقة مبني على أن تكون الرواية كما رواها في الوسائل والوافي بعطف الغليان على النشيش بلفظه « أو » لكنها لم تثبت كذلك ، لأنّ شيخنا شيخ الشريعة الأصفهاني قدس‌سره نقل عن النسخ المصحّحة من الكافي عطف أحدهما على الآخر بالواو ، وأن العصير إذا نش وغلى حرم (٤) ، وعليه فلا تنافي‌

__________________

(*) بل الأحوط.

(١) ، (٢) الوسائل ٢٥ : ٢٨٧ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٣ ح ٤ ، ١.

(٣) إفاضة القدير : ٤.

۴۶۳