بين اعتبار كل من الغليان والنشيش الذي هو صوته في ارتفاع حلية العصير ، وبما أنه ( قدس الله سره ) ثقة أمين وقد روى عطف أحدهما على الآخر بالواو فلا مناص من الأخذ بروايته لاعتبارها وحجيتها ، وبه يرتفع التنافي عن نفس الموثقة كما ترتفع المعارضة بينها وبين حسنة حماد المتقدمة ونظائرها.

ثم إذا أخذنا برواية الوافي والوسائل وهي عطف أحدهما على الآخر بلفظه « أو » فلا بد في رفع المعارضة أن يقال : إن النشيش لم يثبت أنه أمر مغاير مع الغليان بل هو هو بعينه على ما في أقرب الموارد حيث فسّر النشيش بالغليان وقال : نش النبيذ : غلى (١). وأما تفسيره بصوت الغليان كما عن القاموس (٢) وغيره فالظاهر إرادة أنه صوت نفس الغليان لا الصوت السابق عليه ، وعليه فهما بمعنى واحد ، وبهذا المعنى استعمل النشيش في رواية عمّار (٣) الواردة في كيفية طبخ العصير حيث قال : « وخشيت أن ينش » فانّ معناه خشيت أن يغلي ، وليس معناه الصوت المتقدِّم على غليانه لأنه لا وجه للخشية منه.

وهذا الذي ذكرناه وإن كان يرفع المعارضة بين الموثقة والحسنة إلاّ أنه لا يكفي في رفع التنافي عن نفس الموثقة ، لأنه لا معنى لعطف الشي‌ء على نفسه والقول بأنه إذا غلى العصير أو غلى حرم ، فلا بد في رفعه من بيان ثانوي وهو أن يقال : إن النشيش وإن كان بمعنى الغليان كما مر إلاّ أنه ليس بمعنى مطلق الغليان ، وإنما معناه غليان خاص وهو غليان العصير بنفسه أو أنه مما ينصرف إليه لفظه ، فالغليان بالنار لا يطلق عليه النشيش ولم يرَ استعماله بهذا المعنى في شي‌ء من الأخبار ، لأنّ الغليان كما في خبر حمّاد هو القلب أعني تصاعد الأجزاء المتنازلة وتنازل الأجزاء المتصاعدة ، وهو إنما يتحقّق بالنار ولا يتأتّى في الغليان بنفسه ، وعليه فالنشيش أمر والغليان أمر آخر ، ومعه لا يبقى أي تناف في الموثقة فكأنه عليه‌السلام قال : إن غلى العصير بنفسه أو‌

__________________

(١) أقرب الموارد ٢ : ١٣٠١.

(٢) القاموس المحيط ٢ : ٢٩٠.

(٣) المتقدِّمة في ص ١٠٧.

۴۶۳